شلل الأطفال.. من المسؤول؟
بحسب ما روى طبيبٌ ميدانيٌّ اجتمع مع وفدٍ رفيع المستوى من إحدى المنظمات الصحيّة العالمية الكبرى، لتدارس موضوع عودة مرض شلل الأطفال إلى بعض مناطق دير الزور؛ أبدى رئيس الوفد الأجنبيّ التعاطف والتفهم اللازمين، لكنه أبلغ زملاءه السوريّين بالحقيقة المؤسفة التي قالت إن المنظّمات الدوليّة لا تستطيع تقديم اللقاحات، أو أيّ نوعٍ من أنواع الدعم الطبي، إلا للنظام الذي ما زال يحتلّ مقعد البلاد في الأمم المتحدة وسواها من الهيئات الدوليّة، لأن أنظمتها لا تسمح بالتعاطي مع جهاتٍ أو جماعاتٍ خارج الأنظمة السياسيّة التي ما زالت تحظى باعتراف العالم، ولو شكلياً.
تحيل هذه الحقيقة على أمرين؛ أولهما هو أن مسؤولية من يعيق تشكيل الثورة لمؤسساتها، ولا سيما اجتماعها في جسمٍ سياسيٍّ موحّد، وتشكيل حكومةٍ تنال اعترافاً دولياً؛ باتت تتعدّى الشأن السياسيّ إلى شؤون إنسانيّة وخدميّة عديدة، على أهميّة الشأن السياسيّ بالطبع، ومركزيته في حشد الرأي العام الدوليّ الصديق لسورية وثورتها المباركة.
أما الأمر الثاني فهو وجوب إعادة النظر بالفعل في أنظمة بعض المؤسّسات الدوليّة التي أنشئت في عهد الحرب الباردة، وجعلها أكثر مرونة وتفهّماً لعالم أكثر تعقيداً من بيروقراطيّة التمثيل وحيازة ختم المختار. وقد واجهنا هذه المعضلة سياسيّاً كلما أشهرت روسيا الفيتو الذي ورثته من تركة الاتحاد السوفياتي البائد، ومكّنها من انتحال صفة الدولة العظمى دون وجه حقّ، وها نحن نواجهها في مستقبل أطفالنـــــا المهدّدين بكارثـــة!