عامٌ على المجزرة المنسيّة
لأرواح المجهولين الذين أُحرقوا وهم أحياءٌ، أو أُعدموا ووجوههم إلى الحيطان في مجزرة حيّي الجورة والقصور ـ العام الفائت ـ وغيرهم من شهداء دير الزور وسورية، دعاءٌ بالرحمة والقبول.
ولأرواحهم أيضاً أمانةٌ في أعناق الثوار، من مدنيين وعسكريين، بأن يجلبوا القتلة إلى العدالة، ولو بعد حينٍ، ليُسأل هؤلاء المجرمون: لماذا قتلتم الطبيب الشاب حيدر الفندي؟ ولماذا أعدمتم مدرّس الفلسفة إبراهيم خرّيط في بيته مع ابنه، وألقيتموه ليأكل الدود من فروة رأسه لعدة أيام، بعد أن عجز ذووه عن دفنه؟
وكيف استـــــطعتم أن تلتقطـــوا الصـــور التذكارية وأنتم تتسلّون ضاحكين بتعذيب الضحايا وإجبارهم على الهتاف لرئيسكم المراهق، قبل إفراغ نيران بنادقكم في أجسادهم العزلاء؟ وكذلك يجب أن يُسألوا: ألم يعلمكم أحدٌ بعض الهيبة وبعض الجدّ أمام مشهد الموت وخروج الروح من الأجســـــاد؟
لا جواب حتماً سينطق به القتلة. وربما ليس الجواب مهمّاً من كائناتٍ لم تعد تربطها بالحياة البشرية رابطةٌ سوى الغرائز بأشدّ صورها انحطاطاً.
واليوم، وبعد عامٍ على المذبحة، لم يتمكّن السفّاح المريض بشار الأسد، بكل القوّات التي زجّها في المعركة، من إحراز شيءٍ على الأرض. بل على العكس، فقد تمكّن الثوار من فكِّ الحصار الخانق الذي أطبق على المدينة لأشهرٍ عديدة، وتمكّنوا من تنظيف كامل الريف المحرّر من الجيوب الباقية لقوات الاحتلال، لتستقرّ معادلة الصراع على حقيقة أن المناطق الشاسعة المحرّرة من دير الزور لن تعود مرةً أخرى إلى قبضة الأسد.