كي لا تضيع البوصلة
تتسارع وتيرة الشأن السوري ويتعقّد، ويرى السوريون أنفسهم مضطرين لمتابعة مشاهد كثيرة من العالم حتى يعرفوا متى يمكن أن يتوقف القصف فوق رؤوسهم، أو يعودوا إلى منازلهم، أو يقرروا الهجرة خارج البلاد.
وبعد طول جهلٍ بالسياسة وإبعادٍ عنها صار لزاماً عليهم أن يتابعوا تجاذبات القوتين العظميين، مواقف الدول الأوروبية الفاعلة، دور الراعي القطري، شعبيّة أردوغان، موقف السعودية ودول الخليج الأخرى، توسيع الائتلاف، وزن الحوثيّين، الانتخابات الإيرانية، معارضي المالكي، مؤتمر علماء المسلمين،
فتاوى المراجع بتحريم إطلاق الرصاص في المناسبات وجواز إطلاق الصواريخ على القصير... ومخزون حزب الله الاستراتيجي من الحقد والطيش و الاستكبار.
وإذا كان الشأن الداخلي يزداد تدويلاً، وقد تتدخل فيه جهاتٌ كثيرةٌ فعلياً بالقوة المباشرة أو بالضغط السياسي المؤثر، فإن أجندات متناقضة ومتنوعة ستتصارع على الأرض السورية التي يجب أن تعود إلى مبدأ ثورتها كي تقي نفسها من التشوّش والدخول في متاهة خطوط الآخرين المتضاربة. ومبدأ ثورتنا واضحٌ، يختصره هتاف المتظاهرين "الله، سوريا، حرية وبس". أي التقوى في العمل بما يصلح البلاد ويؤمّن الحياة اللائقة للعباد.
ومهما كانت التدخلات الدولية فاعلةً أو رافدة أو متأخرة، فإن عيننا يجب أن تبقى على برنامجنا الوطني كسوريين، وتطوير ما نستطيع إنجازه فيه، سواء في الراهن أو في المستقبل الذي يجب أن نعدّ له بجدٍ يليق
بإعادة بناء بلدنا الذي بات متخلخل البنيان مهدور الاستقلال.