- Home
- Articles
- Radar
اتحاد طلبة سوريا دير الزور... إعادة إنتاج مفهوم الدور الطلابي
عدسة كرم - خاص عين المدينة
يقدم طلبة دير الزور الأحرار صورة مشرقة للنشاط الطلابي في سوريا الجديدة، فهؤلاء الشبان، الذين كانوا في طليعة المتظاهرين السلميين قبل عامين من الآن، استطاعوا وقبل كل شيء الانسلاخ من «الاتحاد الوطني لطلبة سوريا» والذي شكل ولا يزال أداة أخرى من الأدوات التي استخدمتها السلطة الأسدية في تكريس سيطرتها على الدولة والمجتمع، وتمكن هؤلاء الطلبة الأحرار أيضاً من أخذ زمام المبادرة في إعادة إنتاج مفهوم جديد للمنظمات الطلابية من خلال القيام بأدوار ذات أهمية بالغة.
في مدينة دير الزور تشكلت النواة الأولى لاتحاد الطلبة الأحرار من مجموعة من طلاب الجامعات والمعاهد المطلوبين لأجهزة المخابرات، ولم ينزحوا عن المدينة وصمموا على البقاء فيها خلال فترة الحصار التي امتدت لأشهر طويلة من قبل قوات الأسد. ويؤكد أعضاء هذا الاتحاد على أنهم مستقلون عن أية جهة أخرى وخاصة المنظمة التي تحمل الاسم نفسه وتنشط في الخارج. ويواصل هؤلاء الطلاب الثوار أعمالهم بصمت دون دعاية لأنفسهم ودون أن يتلقوا أية رعاية أو دعم من أحد، بحسب ما يقول أحمد طالب الهندسة في جامعة الفرات وأحد مؤسسي هذه الهيئة الطلابية. ويؤكد أحمد أن تشكيل اتحاد الطلبة الأحرار هو استئناف للحراك الثوري السلمي عندما عاد شبان المظاهرات السلمية للتجمع في هذا الهيكل الجديد محاولين تسخير جميع طاقاتهم وإمكاناتهم في خدمة الثورة والمجتمع الحاضن لها. ويضرب أحمد مثالاً لأهم الأعمال التي يتصدى لها الطلبة الأحرار، فيشرح بحماسة كيف بحث مع زملائه عن طريقة تخفض من عدد الضحايا والشهداء الذين يسقطون يومياً على معبر «جسر السياسية» شمال المدينة، وهو المعبر الوحيد إليها والواقع تحت مرمى نيران القناصة، وخصوصاً المتمركزين قريباً من الجسر المعلق غرباً، إذ سقط، وخلال شهر واحد، أكثر من 40 شهيداً، إضافة إلى مئة جريح أصيبوا أثناء مرورهم على جسر السياسية وهو الجسر الواصل بين ضفتي الفرع الكبير لنهر الفرات. وأمام هذا الرقم المرتفع لضحايا النيران الأسدية وجد ـ بحسب أحمد ـ الطلبة الأحرار حلاً عملياً باشروا في تنفيذه على الفور، وتتلخص فكرته في تعبئة آلاف الأكياس بالرمل والتراب ومن ثم نقلها الى الجسر ورصفها تدريجياً على الطرف الغربي للجسر، بحيث تشكل ساتراً ترابياً على ارتفاع يحجب الرؤية عن القناصة ويمنع نيرانهم من الحاق الأذى بالعابرين خلال منفذ المدينة ومتنفسها الوحيد.
وينخرط الطلاب الأحرار في كثير من الأعمال والفعاليات الأخرى، إذ يشاركون في حملات التنظيف التطوعية للشوارع والمرافق العامة في المدينة، وساهموا أيضاً في نشاط آخر أصبح صعباً في دير الزور وهو صب الصفائح البيتونية اللازمة في أعمال دفن الشهداء والمساعدة في تنظيم مقابرهم المنتشرة في الفسحات والحدائق العامة.
ويربط أنس، وهو طالب في كلية الطب وعضو في اتحاد الطلبة الأحرار، بين تطوعه للعمل في مشفى ميداني وبين قصة مؤثرة حدثت معه في بداية حصار المدينة، عندما كان شاهداً على مقتل امرأة في حي الجبيلة بشظايا قذيفة مدفعية وإصابة طفلها، فحمله وركض به تحت النار وبين الحارات محاولاً إسعافه في أية عيادة أو نقطة طبية ودون جدوى إلى أن فارق هذا الطفل الحياة بين يدي أنس وتحت ناظريه. ومنذ تلك اللحظة ـ يقول أنس ـ تغيرت حياتي كلياً، فتركت كل شيء من دراسة وأحلام شخصية ونذرت نفسي لعلاج المصابين وإسعافهم. هذا كل شيء في حياتي الآن ولن أغيرها حتى النصر وإسقاط النظام.