يبدأ تقرير جهاد المناكحة في سورية على قناة الميادين التي يديرها الإعلامي غسان بن جدو المقرب من حزب الله اللبناني بالقول حرفياً: «في سياق حشد المسلحين الأجانب للجهاد في سورية وخصوصاً من السلفيين، أصدر عدد من المشايخ فتاوى تحت عنوان جهاد المناكحة لإغراء المسلحين للتوجه إلى سورية، هذه الفتاوى التي بدأت من تونس أثارت ردود فعل متباينة حول تشخيص ما يجري هناك حيث يصفه بعض المشايخ بالجهاد فيما يعتبره آخرون حرباً أهلية لا يجوز المشاركة فيها، الفتاوى في تونس أثارت بلبلة في الشارع التونسي بعد ورود أنباء عن توجه مراهقات إلى سورية تطبيقاً لفتاوى تحلل جهاد المناكحة» ثم يشير التقرير إلى قضايا جنائية رفعت، وصحف تبادلت الاتهامات....
وهنا يجدر السؤال .... لماذا لم تورد هذه الفتاوى؟ ولماذا لم يذكر أسماء مشايخها الكثر حسب رأي القناة؟ وهل من المعقول أنها مجهولة المصدر؟ ولماذا لم تذكر أسماء الصحف التي تحدثت عن هذا الموضوع وتراشقت الاتهامات؟ وكيف ثارت البلبلة في الشارع التونسي الذي لا يلتفت الآن بعيداً عن قضاياه الداخلية «دون اللفت إلى أن هناك جبهة معارضة تونسية بالفعل تحدثت عن هذه القضية بالعموم وأدانتها»،
ثم كيف توفر من المشايخ من يسمي الحرب في سورية جهاداً وآخرون حرباً أهلية بينما لم يتوفر أحد حتى من الهيئات الرسمية أو الجبهات المعارضة لتسميتها ثورة؟.
والأبلغ في هذا التقرير هو عرض فتيات محجبات يلبسن اللباس العسكري ويحملن السلاح وإلى جانبهما سرير الذي هو من المفترض سلاح المناكحة، حيث تحملنه الفتيات وتتنقلن به بين الجبهات لإمتاع المقاتلين.. وبعد عمليات بحث وتنقيب من المترصدين للميادين وسواها من قنوات الاعتدال المؤيد لنظام الأسد، تم التبين من أن المقطع المرفق بالتقرير للفتيات المخصصات لجهاد النكاح إنما هو مأخوذ من قناة الإيمان الشيشانية وقد بث عام 2011.
وحسب قول الميادين فقد غادرت ثلاث عشرة فتاة من تونس إلى سورية من أجل المشاركة في إمتاع المسلحين، مع التأكيد على قصة الشاب الذي طلق زوجته لكي يتيح لها الذهاب إلى سورية للمشاركة بهذا النوع من الجهاد الذي هو «والحديث هنا للميادين» حالة تأثر بالشيوخ السلفيين في السعودية...
وفي مجمل التقارير عن القضية لم يأتي أحد بالذكر عن القيادات الإسلامية أو السلفية في المغرب العربي والتي أدانت وكذبت هذا الحديث حيث يقول الداعية محمد العريفي إنه بريء منها وإن من كتبها هو شخص ينتحل شخصيته على مواقع الإنترنت حيث تتوافر أكثر من صفحة على الفيسبووك باسم محمد العريفي وكلها لا تمثله ثم إن المقاطع المسربة مزورة وأحد التسجيلات يعود إلى سنة 2003 لبعض زوجات المجاهدين في الشيشان.
هكذا تمسك محطات النظام السوري بالمكبرة لتكشف فيها انزياحاً عن جادة الثورة، أو لتبين أن نزوة ما أو جريمة جنائية معينة هي من ارتكابات الثورة السورية، هذا إذا افترضنا أصلاً حقيقية أو مصداقية تلك الأحداث من نكاح وغيره، بحيث تكون ممارسات معينة هي ممارسات ثورية، تلقى من يشير إليها ويعظم من شأنها سواء من أسرة النظام السوري الاجتماعية أو من المتخوفين الذين ينتظرون أن تخطئ رصاصة هدفها ليتبين معها أن الثورة السورية غير ذات حق، وأن كل لحية طويلة في سورية هي لحية جهادية سلفية قاتلة مجرمة، وأن ما ترتكبه عصابة ما سواء كانت دينية أم لا إنما ارتكبه أطفال درعا عندما بدأت الثورة، أو ثوار حمص عندما حملوا السلاح ضد الحصار.