‏صفقة نفط جديدة عبر القاطرجي.. بين "الإدارة الذاتية" والنظام

وسط أزمة متصاعدة تعاني منها حكومة الأسد بتأمين إمدادات نفط وغاز لمناطق سيطرتها، كثّف رجل الأعمال وعضو "مجلس شعب" النظام حسام القاطرجي أنشطته التجارية في مجال النفط، خلال الشهر الأخير في محافظة دير الزور.

وحسب تأكيد من مصدر خاص لعين المدينة، بدأ القاطرجي ووفق اتفاق مسبق أبرمه القاطرجي مع قائد "وحدات حماية الشعب" الكردية سيبان حمو ومسؤولين آخرين في هذه الوحدات، باستجرار كميات نفط إضافية من حقول دير الزور.

وقال المصدر إن اتفاق القاطرجي و"حماية الشعب" الجديد يقضي باستجرار الأول نحو (5) آلاف برميل يومياً من حقول دير الزور، مقابل (20) ألف ليرة سورية للبرميل الواحد، وهي الكمية المضافة لتوريدات أخرى متفاوتة لم تنقطع إلا نادراً خلال السنوات الماضية، تجعل القاطرجي الزبون الأول والأكبر لنفط دير الزور. وهو بلا شك الزبون الأول أيضاً للنفط المستخرج من حقول رميلان والجبسة في محافظة الحسكة، التي يقدّر معدل إنتاجها الوسطي ب (50) ألف برميل يومياً، يذهب أكثر من نصفه للنظام عبر القاطرجي ووسطاء آخرين أقل أهمية.

حتى الآن لم تُظهر قوات التحالف الدولي التي يعتمد قوامها الرئيسي في مناطق انتشارها بسوريا على قوات أمريكية، وقوات فرنسية وبريطانية أصغر، أي اهتمام بالطريقة التي تدير بها "الإدارة الذاتية" ملف النفط في المناطق الخاضعة لسيطرتها في محافظتي دير الزور والحسكة، ما فتح الباب أمام قادتها لبناء شراكات نفط مع النظام، عبر وسطاء يعد حسام القاطرجي أبرزهم، رغم تكرار ظهور اسمه في لوائح العقوبات الغربية على رجال الأعمال المرتبطين والداعمين للنظام، ما يشكل خرقاً واضحاً لمضمون هذه العقوبات.

وبالطبع في اقتصاد يحظى فيه تجار الحرب الكبار بنفوذ واسع، سيذهب جزء من إمدادات النفط تلك إلى هيئات التمويل لدى الميليشيات التابعة للحرس الثوري الايراني المنتشرة في محافظات سورية مختلفة، خاصة مع القيود المتزايدة التي تفرضها الغارات الإسرائيلية على حركة الشحن والإمداد من إيران إلى القوات التابعة لها في سوريا.

قبل الثورة فاق إنتاج سوريا من النفط (380) ألف برميل يومياً، شكلت حقول النفط في محافظة دير الزور إلى جانب حقول محافظة الحسكة، المصدر الرئيسي في هذا الإنتاج. وحالما خرجت هذه الحقول عن سيطرة قوات النظام بدءاً من صيف العام 2012، وقع النظام بأزمة كبرى استطاعت إيران التخفيف من آثارها عبر خط ائتمان قدم إمدادات شبه ثابتة للنظام، عبر باخرتي نفط شهرياً بحمولة مليون برميل لكل باخرة. ومنذ (3) أشهر تقريباً ونتيجة تشديد العقوبات الأمريكية على إيران، انقطعت هذه الإمدادات، مما تسبب للنظام بأزمة يبدو حتى الآن عاجزاً عن التغلب عليها.  

وبحسب أنباء وتقارير متقاطعة، عزز القاطرجي شبكات الحماية العاملة لحسابه عبر انتشار ميليشيا تضم نحو (500) عنصر، بقيادة الأخوين فواز وحمود البشير، وميليشيا أخرى أصغر بقيادة حسن المختار، في قرية مظلوم وبلدتي مراط وحطلة وغيرها في المنطقة الخاضعة لسيطرة النظام في الجانب الأيسر من نهر الفرات بدير الزور. تتولى تلك الميليشيات حماية إمدادات النفط القادمة عبر صهاريج من منطقة "قسد" ومرافقة قوافله حتى طريق دير الزور- تدمر، حيث تكمل طريقها باتجاه مصفاة حمص.

غير أن الأعداد الكبيرة لهذه المجموعات وما يفرضه ذلك من مبالغ  ضخمة يتوجب على القاطرجي دفعها كرواتب شهرية (متوسط راتب العنصر الواحد 75 ألف ليرة سورية) وإطعام وذخيرة لهذه المجموعات، وبما يفيض عن مهمات الحماية لقوافل النفط المنطلقة من دير الزور إلى حمص، وفي منطقة يسيطر عليها النظام والميليشيات الأخرى الحليفة والتابعة له وفق أذون وموافقات مسبقة تصدر عن المكتب الخاص في "القصر الجمهوري"- تكشف عن تحضيرات القاطرجي لمرحلة قادمة، يخطط فيها النظام توسيع سيطرته إلى حقول وآبار النفط الواقعة تحت سيطرة "قسد" بعيد انسحاب القوات الأمريكية من المنطقة. حيث تتطلب حماية مئات الآبار المنتشرة على مساحات واسعة في بادية الجزيرة آلاف العناصر المسلحين، ويبدو أن القاطرجي يطمح للمشاركة الفاعلة والفوز بعقود حماية "منشآت نفطية" في حال تحققت مخططات النظام في هذا الشأن.