يارا عباس.. إعلامية أم شبيحة؟
(في منطقة القصير بريف حمص، لا تزال قوات جيشنا الباسل مستمرة في عملية التطهير التي تشمل مدينة القصير وريفها، موقعة عشرات القتلى في صفوف الإرهابيين المرتزقة، محرزة تقدماً كبيراً على الأرض...)
بهذه الجملة افتتحت مراسلة قناة الإخبارية السورية تقريرها الميداني الأخير قبل أن ينعيها النظام ووسائل إعلامه بعدها بيومين ويعلن مصرعها على مشارف مدينة القصير الحمصية. وبالتحديد قرب مطار الضبعة بعد أن تم "قنصها من قبل مجموعة إرهابية مسلحة" بحسب ما ذكرت وكالة سانا الأسدية.
وفي تقرير لقناة سما ـ الدنيا سابقاً- بيّن سائق السيارة المصاب تفاصيل الحادثة بأنهم تعرضوا لإطلاق نار ثم انقلبت السيارة، و بغض النظر عن التفاصيل السابقة، ومثلما جرت العادة بعد كل حادثة من هذا النوع، بدأت سجالات بين صفوف الناشطين السوريين وبين شبيحة النظام الفيسبوكيين، بين من يعتبرها شهيدة للوطن وبين من لا يخفي فرحه بموتها من صفوف الثوار. وبالتأكيد يرى موالو النظام أنها إعلامية مسالمة وبريئة كانت تحمل سلاحها ألا وهو كاميرتها وصوتها الذي "أرادت يد الغدر إسكاته". ويرى جمهور الثورة فيها ناقلة أخبار كاذبة ومتورطة بالتغطية على جرائم النظام وأفعاله.
لكن، بعيداً عن تبرير فعل القتل الذي لحق بها، هل كانت يارا عباس إعلامية بما تحمله هذه الصفة من حيادية ونزاهة؟ أم كانت طرفاً في المعركة؟
شاركت يارا عباس في تغطية جرائم ميليشيات النظام في مناطق عديدة، مرافقة تلك القوات بخوذة وواقٍ عسكريين. ولم يقتصر رأيها على وصف الثوار بالإرهابيين والمرتزقة والتكفيريين، بل تجاوز ذلك إلى الدعوة والترويج لسحق المناطق الثائرة وتطهيرها. وبذلك كان كل هذا الأداء "الحيادي" يصب في الإيديولوجية الفاشية التي اتبعها النظام الزائل وما زال تجاه الشعب، ومعبراً عن كره عميق متعدد المصادر، واحتقارٍ للشعب المطالب بأبسط حقوقه. وهنا بالتحديد يصعب التفريق بين كونها إعلامية أو عنصر مخابرات، فالاثنان يحملان نفس الفكر.
قد يتساءل أحدهم: وما الفرق بين الاحتفال بمقتل إعلامي ينتسب إلى النظام وآخر ينتمي إلى الثورة؟
والجواب هنا هو نفس الفرق بين من يقاتل لأجل قضيته مضحياً بحياته من دون أجر وطمع دنيويين، وبين من تحول إلى بيدق فاسد ومرتزق ناهب للبيوت وقاتل للأطفال لصالح طغمة الأسد. (رائحة النصر فاحت وملأ عبقها أراضي سوريا. وها هي الإخبارية السورية وكعادتها جاءت إلى منطقة القصير لترصد إنجازات الجيش العربي السوري ولتؤكد أن من هنا سيبدأ تاريخ المجد.. تاريخ سوريا (..) لنثبت بالصوت والصورة أن أجل المرتزقة بات قريباً).
كانت هذه الكلمات آخر ما قالته المراسلة القتيلة على الشاشة... أملاً بأن يكون أجل كل المرتزقة قريب.