أبو ذر العراقي
مع مطلع شهر تشرين الثاني الحاليّ أجرى تنظيم الدولة الإسلامية سلسلة تنقلاتٍ لولاة وعسكريّي "الولايات" السورية من العراقيين. إذ تمّ نقل معظمهم إلى العراق، كما هو حال أبو أسامة العراقي والي الحسكة الأسبق، وأبو أيمن العراقيّ الذي كان له الدور الأبرز في السيطرة على دير الزور ثم عيّن والياً عليها.
وهذا ما جرى مع والي الميادين أبو ذر العراقيّ، الذي شغل منصبه منذ ما قبل سيطرة التنظيم المطلقة على المدينة في شهر تموز الماضي وحتى نقله. ويرجّح بعض أهالي المنطقة أن سياسة "اللين" التي انتهجها أبو ذر كانت وراء نقله وتولية أبو مودة المصريّ بدلاً عنه.
ولم تكن شخصية أبو مودة معروفةً من قبل إلا عند تعيينه والياً على الميادين، فيما كانت السمة الأبرز للمصريين الذين دخلوا سوريا هي التشدّد، مما جعلهم يجدون في تنظيم الدولة ضالتهم. وهذا ما ظهر بشكلٍ جليٍّ في "القوانين" المحدثة التي فرضها الوالي الجديد.
أبو مودة وخنادق المدخنين
مع بداية تعيين أبو مودة بدأ التنظيم بتطبيق عقوبةٍ جديدةٍ على من يجاهر بالتدخين، تتمثل في حفر خنادق "الرباط"، لمدّة ثلاثة أيامٍ، في حويجة صكر، خلف خط التماس المباشر بين عناصر التنظيم وقوّات النظام في دير الزور. خالد، الشاب العشرينيّ، وأحد المعاقبين بحفر الخنادق؛ تحدث عن مقتل شابين أحدهما يعاني من خللٍ عقليّ، وهو من بلدة العشارة بريف دير الزور الشرقيّ، قضيا نحبهما أثناء تنفيذ العقوبة بسقوط قذيفة هاون قادمةٍ من جهة مطار دير الزور الذي تسيطر عليه قوّات النظام الأسديّ. يقول خالد: "ألقي القبض عليّ متلبساً بجرم التدخين أمام باب منزلي. وأمضيت عقوبتي أحفر الخنادق، مع مجموعةٍ من "المجرمين" أمثالي. وكان عناصر الدولة يأتونا في أوقاتٍ متقطعةٍ من النهار، مما أتاح لنا فرصة التدخين بحرّية، بالإضافة إلى الحفر".
الوضع الأمنيّ والضرائب الجديدة
لم تشهد الميادين أيّ تغييرٍ من الناحية الخدمية، فيما بدأ التنظيم بجباية ضريبةٍ على الهواتف الأرضية بقيمة 400 ليرةٍ سوريةٍ شهرياً، وعلى كلّ محلٍّ تجاريٍّ 3000 ليرةٍ، تجمعها هيئة خدمات المسلمين وتسمّيها ضريبة "أمنٍ ونظافة". كما فُرض على الجزارين دفع مبلغ 1000 ليرةٍ لقاء كلّ عجلٍ يتمّ ذبحه. فيما ظهر في المدينة شيءٌ من الانفلات الأمنيّ مع تولي الوالي الجديد، فسُجّلت في الأسبوع الماضي حادثة سرقةٍ "بزيّ الحسبة"، عندما أوقفت سيارةٌ من نوع فان بيضاء ثلاثة شبابٍ في سوق الميادين، ونزل منها عناصر مسلحون اعتقلوا الشبان مدّعين أنهم دوريةٌ تتبع للحسبة، فأفرغوا ما في جيوبهم وصادروا جوّالاتهم ثم تركوهم على أطراف المدينة دون إيذائهم.
كما لوحظت في الآونة الأخيرة، بعد تولي أبو مودة المصريّ، هجرة عددٍ من شباب الميادين غير المطلوبين للتنظيم، بينهم أطباء وصيادلة، باتجاه تركيا، ومنهم من أكمل طريقه إلى ما وراء البحر المتوسط، استياءً من تصرفات تنظيم "الدولة الإسلامية".