هُزمت «الدولة الإسلامية» لكن أقرباءنا المخطوفين ما زالوا مفقودين

حايد حايد
6 كانون الأول عن موقع The Middle East Eye
ترجمة مأمون حلبي

ما زال مصير آلاف المعتقلين لدى تنظيم «الدولة الإسلامية» غير واضح، حتى بعد أن هُزمت هذه الجماعة.

في شهر آب 2013 اختطف تنظيم «الدولة الإسلامية» ابنة عمتي سمر صالح، البالغة 29 عاماً من العمر. منذ ذلك الوقت وأنا أنتظر اليوم الذي يتم فيه تحرير سجون التنظيم. الاستيلاء الذي حصل مؤخرا على آخر معاقل التنظيم في الرقة ودير الزور جعل حلمي يتحقق. مع ذلك، مصير ابنة عمتي وآلاف من المعتقلين الآخرين بقي غير واضح. الشعور بالفرح والارتياح لسحق التنظيم، هذا الشعور الذي طال انتظاره، غطت عليه عواطف مختلفة من الفراغ والقلق. أين هي؟ ما الذي جرى لها؟ هل ما زال ثمة أمل برؤيتها؟ لم تُقدم أية أجوبة تريح بالي.

إجراءات قسرية

اختُطفت ابنة عمتي مع صديقها محمد العمر بدايةً في مدينة الأتارب، مسقط رأسي، الواقعة في ريف حلب. فتشنا عنها لشهور، لكن قيل لنا أخيراً أنها نُقلت إلى الرقة بعد هزيمة التنظيم في شمال سوريا في كانون الثاني 2014. استُهدفت سمر، شأن الكثيرين من الناشطين الميدانيين الذين يرسلون تقارير عن انتهاكات حقوق الإنسان وانتهاكات بحق وسائل الإعلام، بسبب وجودها في مناطق يعمل التنظيم فيها.

معروف عن التنظيم استخدامه إجراءات عنيفة وقسرية لبث الخوف في أولئك الذين يعارضون أفعاله أو يشككون بها، ولكي يبقي السكان المحليين تحت السيطرة. ويعامل التنظيم سجناءه بطرق تختلف باختلاف التهم الموجهة إليهم. أما المناوئون له فالتنظيم ينكر أسرهم، ويبقيهم في مراكز اعتقال سرية. بعض السجناء تم عرضهم أمام محكمة التنظيم في مرحلة لاحقة، في حين يبقى مصير البقية غير واضح. بناءً على ما تقدم، يبقى العدد الدقيق للمعتقلين على يد التنظيم غير واضح. لكن، وفقاً لمنظمة سورية محلية لحقوق الإنسان، اعتقل التنظيم حوالي 6318 شخصاً حتى أيلول 2014. لكن العدد تضخم لاحقاً بعد الإعلان عن الخلافة المزعومة.

استعادة الرقة ودير الزور –اللتين قيل أن التنظيم أقام فيهما 46 مركز اعتقال– لم تثمر عن إيجاد أي سجناء. في 18 تشرين الأول أفاد طلال سلو، المتحدث السابق باسم (قسد) لموقع إخباري محلي، أن كل السجون التي عثروا عليها كانت فارغة. لكن مع ذلك، اتفاق الإخلاء الذي أدى لاستعادة (قسد) للرقة قد يلقي ضوءاََ على مصير بعض المعتقلين. فبعد 4 شهور من القتال في الرقة قام قادة عشائريون محليون بإبرام اتفاق بين (قسد) والتنظيم. كان الهدف من ذلك إنقاذ المدنيين المحتجزين في المدينة من قِبل التنظيم، حيث كانوا يُستخدمون كدروع بشرية، وتوفير مزيدا من الدمار على المدينة. وقد سمح الاتفاق لمقاتلي التنظيم بالخروج من محافظة الرقة مقابل الانسحاب من المدينة. بقيت تفاصيل الاتفاق سرية إلى أن استطاعت شبكة ال بي. بي .سي. الكشف عنها. حوالي 4000 شخص، من بينهم نساء وأطفال، تم نقلهم إلى أراضٍ تحت سيطرة التنظيم في دير الزور. بناء على ضوء تحقيق ال بي.بي.سي.، اعترف التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة أن 250 من مقاتلي التنظيم سُمح لهم بمغادرة الرقة مع 3500 فرد من عائلاتهم. مصدر كردي مطلع ناقض هذا التصريح «بعض المعتقلين نقلهم التنظيم مع مقاتليه إلى دير الزور ليتم استخدامهم كدروع بشرية».

مع ذلك، يوحي عدد الذين تم إخلاؤهم أنه ليس كل المعتقلين ما زالوا أحياء. ولمَّح نفس المصدر إلى وجود احتمال كبير أن كثيرين من المعتقلين ربما قد واجهوا إعدامات ميدانية. «عندما ينسحب التنظيم من منطقة معينة يتخلص عادة من الرهائن الذين لا يعتبرون ذوي قيمة. الأجانب والناشطين البارزين والنساء يعتبرون نافعين . أما الجنود الخصوم أو المعتقلين الذكَور العاديين فإنهم يصبحون عبئاً». لكن مستوى الدمار الكبير في المدينة يجعل من الصعب العثور على قبور جماعية.

برغم التحديات الواضحة، ما زال بوسع (قسد) أن تعمل على الكشف عن مصير بعض المعتقلين لكي تهدئ شكوك عائلاتهم. فمن المعروف عن التنظيم احتفاظه بتوثيق شامل لكل أعماله، خصوصا السجناء الذين مَثَلوا أمام محاكمه. وجدت وثائق كهذه في إحدى مراكز الاعتقال في الموصل. كانت الوثائق بأسماء وتفاصيل تخص بعض السجناء. لكن (قسد) لم تذكر إن كانت السلطات المحلية قد استطاعت العثور على أية وثائق تتعلق بمصير المعتقلين. أيضاً يقدم التحقيق مع أفراد التنظيم الأسرى، خصوصاً أولئك المسؤولين عن السجون، مصدر معلومات بالغ الأهمية. كذلك يمكن استخدام تفحص الكتابات والرسوم على جدران زنازين التنظيم للتحقق من مصير بعض السجناء. لكن إن لم يكن لدى (قسد) الإرادة أو الموارد للكشف عن مصير آلاف المعتقلين، حينها يجب أن يُسمح لمنظمات حقوقية مستقلة بالتحقيق حول ما حدث لأحبتنا المفقودين.