نتيجة عجز وزارة التربية في الحكومة السورية المؤقتة عن القيام بالوظائف المطلوبة منها تبرز الحاجة، بشكلٍ إضافيٍّ اليوم، إلى تفعيل دور "النقابة السورية العامة للمعلمين"، وهي الجسم النقابيّ الحرّ الذي شارك في بنائه مئات المعلمين داخل المناطق المحرّرة وفي بلدان اللجوء.
تدلل السيدة فريال المعرّي، عضو اللجنة التحضيرية والتأسيسية للنقابة، على الدور المميّز للمعلمين في التنظيم بقدرتهم على تأسيس هذا التجمّع، وما سبق ذلك من جهودٍ خلال أكثر من عامٍ ونصف، لم يتلقّ خلالها القائمون على المشروع أيّ عونٍ من أيّ جهةٍ من المعارضة الرسمية أو المنظمات المهتمة بالشأن التعليميّ. بل، على العكس، حاولت بعض الأطراف "من تجار الثورة"، حسب ما تقول المعرّي، عرقلة هذه الجهود. وفي الشهر التاسع من هذا العام شارك مئات المعلمين في التصويت لانتخاب المكتب التنفيذيّ للنقابة، على أن يعقب ذلك المؤتمر التأسيسيّ في الربع الأوّل من العام القادم.
وتتألف النقابة من فروعٍ لكافة المحافظات السورية، باستثناء السويداء وطرطوس، الخاضعتين لسيطرة النظام بشكلٍ كامل. وكذلك استنكف معلمو محافظة الرقة بسبب دمجهم مع معلمي دير الزور في فرعٍ واحد.
ورغم النجاح التنظيميّ الظاهر حتى الآن في أعمال النقابة الوليدة، تبدو بعض أجزائها الفرعية متعثرةً في ممارسة دورها بشكلٍ فعال، لأسبابٍ عدّةٍ أبرزها غياب التمويل. يقول حسن برّي، عضو نقابة معلمي دير الزور، المقيم في ولاية أورفا التركية: "ليس لنا مكانٌ نجتمع فيه، ولم نتمكن من تأمين أيّ حيزٍ ليكون مكتباً نؤدّي فيه أعمالنا. نلتقي ونجتمع افتراضياً عبر الإنترنت". ويشرح برّي كيف يحاولون في نقابة دير الزور مساعدة زملائهم بصيغٍ شخصيةٍ أو بـ"الوجاهة" حسب تعبيره، ويؤكّد على أهمية العمل النقابيّ في العملية التعليمية بمجملها، ويتمنى مشاركةً أوسع لمعلمي دير الزور في أنشطة هذه النقابة وأعمالها.
ويأمل آلاف المعلمين المفصولين من وظائفهم بسبب نشاطهم الثوريّ، أو لمجرّد مواقفهم المنحازة إلى الثورة، من النقابة الحرّة أن تأخذ على عاتقها قضية الدفاع عنهم ومساعدتهم في أماكن استقرارهم أو لجوئهم المختلفة. وينتظرون منها أيضاً أن تكون الجهة الشرعية التي تحفظ حقوقهم المعنوية والاعتبارية، وخاصّةً مع فقدان الكثيرين منهم لأيّ أوراقٍ ووثائق رسميةٍ تثبت أهليتهم وكفاءتهم للعمل في المدارس المفتتحة في الداخل والخارج.
وكانت الأخطاء في انتقاء وتعيين المعلمين في المدارس السورية في ولاية أورفا التركية موضع غضبٍ عامٍّ في أوساط المعلمين السوريين هناك. وتبرّر الإدارة التركية المسؤولة عن الشأن التعليميّ للاجئين السوريين تلك الأخطاء بصعوبة التأكد من الوثائق المقدّمة إلى لجان الفحص والاختبار، مع غياب إدارةٍ أو طرفٍ رسميٍّ سوريٍّ يكون أقدر على تمييز الثبوتيات المزوّرة من الحقيقية، وكذلك يكون مسؤولاً عن إصدار وثائق بديلةٍ للمعلمين الذين فقدوا أوراقهم وبياناتهم المهنية. وقد حرم غياب هذا الطرف السوريّ الرسميّ كثيراً من المعلمين "الحقيقيين" من فرصتهم في المدارس التي افتتحها الحكومة التركية للسوريين، وأدى إلى أخطاءٍ أخرى بتعيين مدرّسين في غير اختصاصاتهم. يقول حسن المحمود، وهو خريج كلية الشريعة ومديرٌ سابقٌ لتربية محافظة الرقة، إنه عيّن كمعلم رياضةٍ في مدرسة "سرين للضيوف السوريين" نتيجة نقص في النصاب.
ويقترح المحمود إنشاء مديرية تربيةٍ مصغرةٍ للسوريين في كلّ ولايةٍ تركيةٍ يقيم فيها عددٌ كبيرٌ من اللاجئين، تدقّق هذه المديرية في الشهادات والوثائق التي عمل على أساسها المعلمون، وتعيّن موجّهين اختصاصيين في مرحلتي التعليم الإعداديّ والثانويّ، وموجّهين تربويين للمرحلة الابتدائية، يقومون بجولاتٍ ميدانيةٍ على المدارس للتأكد من حسن سير العملية التعليمية والتزام المعلمين بتأدية واجباتهم.