ريم تركماني نموذجاً
ريم تركماني ظاهرةٌ سوريةٌ ليست فريدةً من نوعها، فهي جزءٌ من (الكوماندوس النسائيّ) الذي شكّله المبعوث الدوليّ استيفان ديمستورا تحت اسم المجلس الاستشاريّ النسائيّ، وأثبت "فشل مفاوضات جنيف" أنه مجرّد فريقٍ ديكوريٍّ ارتزاقيٍّ مهمته الأساسية تمييع حضور وفد المعارضة والتشويش عليه قدر المستطاع، مع إمكانية تلميع جرائم الأسد وإظهار ما يحدث في سورية على أنه مجرّد أزمةٍ بين طرفين إسلاميٍّ داعشيٍّ متطرّف، وعلمانيٍّ متحضّرٍ حتى النخاع، يخوضان "حرباً أهلية".
ولكن تركماني ليست مثل زميلتها في الفريق، ديانا جبور التي تخالجها كوابيس الإرهاب الإسلاميّ (بفرعيه الصهيو-وهابي والسلفي-إمبريالي) فمنحها بشار الأسد منصباً في التلفزيون وسخّر لها أربعة عناصر مرافقة من الحرس الجمهوريّ، فهي (أي ريم)، مثقفةٌ مقيمةٌ في بريطانيا، معقل المتلبرلين الجدد والعلمنجيين الجدد، كما كانت وما زالت معقلاً محصناً لشبّيحة الأسد الأب والابن. ريم ليست وليدة اللحظة أو "الأزمة"، بل هي أستاذةٌ متخصّصةٌ في الفيزياء الفلكية في لندن، وزميلةٌ باحثةٌ لدى الجمعية الملكية البريطانية. وبما أن اختصاصها علوم الفلك فإن من الطبيعيّ –مثلاً- أن تفسر سقوط البراميل المتفجرة على المدنيين السوريين، خلال أكثر من أربع سنواتٍ، بأنه ظاهرةٌ فلكيةٌ طبيعيةٌ كالكسوف والخسوف، تحدث مرّةً كلّ 1000 عام، وليست عقاباً جماعياً ينفذه النظام كما يشاع عبر وسائل الإعلام المتآمرة على الوطن.
تركماني من النخب النسائية التي يتنبأ مراقبون بأن تحتلّ مكانةً مرموقةً في (سورية ما بعد جنيف)، كيف لا وهي باحثةٌ في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية! كيف لا وهي قادمةٌ، إذاً، من بريطانيا إلى سورية في مهمةٍ إنقاذية، تماماً على خطى الأسد الصغير الذي ترك دراسة الطب في لندن ليعود وينسف الدستور ويرث الكرسيّ بهدف إخراج البلاد من مأساتها العظيمة بموت والده الديكتاتور!
وتركماني باحثةٌ متخصّصةٌ في اقتصاد الحرب في سورية!! ولذلك لا غرابة حين تشارك رفيقاتها في وفد الكوماندوس النسائيّ النعيق أمام تلفزيونات العالم ببيانٍ يطالب برفع العقوبات الاقتصادية عن نظام الأسد، لأن تلك العقوبات -بحسب زعيقهنّ- هي عقابٌ للشعب.
وريم تركماني من مؤسّسي "التحالف المدنيّ السوريّ" (تماس) أيضاً، فهي إذاً على تماسٍّ مباشرٍ بالداخل السوريّ، حتى لو كانت خارج البلاد منذ نعومة أظفارها، وحتى لو لم تعلم أن من يمثلن نساء سورية حقيقةً تمّ تغييبهنّ في سجون الأسد. فهي لم تسمع، ربما، بالدكتورة رانيا العباسيّ، بطلة سورية والعرب في الشطرنج، والمعتقلة –مع زوجها وأطفالها- منذ ثلاث سنوات، كما أنها لم تسمع بالصحفية "المحجّبة" سعاد خبّية، ابنة مدينة دوما، والتي تمّ تهميشها علناً بحجة أن بريستيج المعارضة يتطلب نساءً من نمطٍ معيّن، فإن كانت محجبةً وكان لا بدّ من ذلك، وفق نظّارات ديمستورا، فيجب أن تكون على شاكلة أسماء كفتارو!
تلك الريم من ذاك الأسد!