المشفى التي شيدها الأسعد في مدينة دريكيش وفي الأسفل يظهر إلى جانب بشار الأسد

من بين الأسماء السورية التي شكّلت غالبية في قائمة الأسماء التي وقّع الرئيس اللبناني ميشيل عون مرسوم تجنيسها مُؤخراً، كان لافتاً ظهور اسمي ابنتي نزار الأسعد رجل النفط السوري فاحش الثراء، ندى وميا، وبعد أن سبقهما الأب بالحصول على الجنسية بمرسوم من الرئيس اللبناني السابق ميشيل سليمان.

بلا شك تُعدّ الجنسية اللبنانية، بالنسبة للثلاثة، مجرد إجراء يُسهّل إدارة أعمالهم وممتلكاتهم المُسجلة في لبنان، ووسيلة تهرّب ضريبي وغسيل أموال ما تزال تُثير لعاب الأسعد، رغم تصنيفه ضمن أغنى مئة شخص سوري قبل سنوات، وربما تكون خطوة استباقية تزيد فرص فوزه وابنتيه بحصص وازنة من نفط لبنان البحري الواعد.

يحمل الأسعد الجنسية الكندية، ويتمتع بامتيازاتها كاملة، غير أنها لا تنفع مع نمط الأعمال الذي اعتاد عليه، بل تُلزمه في حالات كثيرة بالتقيّد بالقوانين التي طالما خرقها في مسيرة أعماله الطويلة والمتشعبة التي امتدت لدول عدة، من سورية إلى الإمارات إلى الجزائر، وإلى لبنان بالطبع كغرفة مخصصة للعمليات القذرة.

في سبعينات القرن الماضي، كان نزار طالباً جامعياً مُعدماً وشبه متسول، لا يكاد يجد ما يأكله أو يلبسه إلا من فضلات زملاء أثرياء التصق بهم، وكان يعجز حتى عن تأمين أجرة السفر لزيارة أمه في ضيعة عين جاش التابعة لدريكيش في ريف طرطوس. لكن حالة الجوع والتسوّل تلك لم تدم طويلاً، إذ سرعان ما أسعفه زوج خالته، مدير عام مؤسسة التبغ والتنباك آنذاك، محمد مخلوف، بفرصة سيستغلها على أبرع وأكمل صورة.

فبرزت مواهب الأسعد في تسهيل الفوز على مقاولين من آباء وأشقاء زملائه في الجامعة، بمناقصات حكومية بدأت في البناء على أطراف دمشق، مقابل مبالغ ازدادت بالتدريج مرة بعد مرة، وإلى حين أصبح السمسار الأول بين مخلوف ورجال أعمال أثرياء بالوراثة، من مدن دمشق وحمص وحلب، كانت لهم النسبة العظمى من رأس المال السوري الخاص. وقبل أن ينازعهم فيها رجال الحلقة العليا في طغمة حافظ الأسد، بالسمسرة والأتاوات والرشاوى آخر السبعينات، ثم بالشراكة الإجبارية أو الطوعية ابتداء من مطلع العقد اللاحق.

حينها فتحت حقول نفط دير الزور المكتشفة حديثاً آفاقاً جديدة لنزار، فأسس مع محمد مخلوف وشقيق زوجة مخلوف غسان مهنا، الموظف في وزارة النفط، شركة (LEAD) للخدمات والإنشاءات النفطية التي احتكرت العقود الكبرى مع الشركات الأجنبية، لتتضخم ثروة الأسعد بسرعة قياسية، ويتحول إلى رجل النفط الأول في سورية، وإلى حين بلغ الأولاد رامي وإيهاب وحافظ محمد مخلوف أشدّهم، ومع حفظ حصص باسل وبشار وماهر الأسد حتى اليوم.

في التسعينات انقلب الحال بمن كانوا يُشغّلون الأسعد من الأثرياء، فعيّن بعضهم موظفين في شركاته المتعددة، ربما إذلالاً لهم، أو انتقاماً من تاريخه الخاص، الذي يُحاول محوه عبر شائعات يطلقها عن عراقة عائلته واحترافها صناعة وتجارة الحرير.

في العام 2000 افتتح نزار برفقة وزير الصحة مشفى عاماً في مدينة دريكيش، بناه على نفقته الخاصة "تقدمة عن روح" والدته جميلة مهنا، وهي تستحق هذه التقدمة بما أتاحته لابنها عبر ابنة عمها زوجة محمد مخلوف.