مصاعب زراعيةٌ متنوّعة عن أسعار وأنواع السماد حدثنا عماد، أحد مزارعي ريف جسر الشغور، قائلاً: «اعتمد كثيرٌ من المزارعين على نوعين من السماد، وهما الآزوت 46 ونترات الصوديوم 33. وبلغ ثمن الكيس الواحد 7 آلاف ليرةٍ سوريةٍ بسبب ندرته، وهو يهرّب من مناطق النظام إلى الريف الشماليّ. أما المبيدات فنجد صعوبةً كبيرةً في إيجادها لأن المنطقة باتت تفتقر إلى الصيدليات الزراعية، ولذلك ندفع ثمن المبيدات مضاعفاً بسبب حاجتنا الملحة إليها. وهناك الكثير من المواد الفاسدة أو المزوّرة بسبب غياب الرقابة على هذه الأدوية وعلى المواد الزراعية». ومن الصعوبات التي تزداد تفاقماً ندرة المياه وضعف الموارد الطبيعية بسبب توقف السدود وأقنية الريّ عن العمل، مما شكّل عقبةً كبيرةً أمام المزارع الذي كان يعتمد على مياه السدود في ريّ محصوله في سنوات ندرة الأمطار. كما كان لارتفاع أسعار الوقود اللازم لاستخراج المياه الجوفية دوره في تراجع جودة المحاصيل وأهمها القمح. ومع اقتراب موعد الحصاد يعاني غالبية المزارعين لتأمين المواد الضرورية لمحصول القمح، وغلائها إن وجدت. فقد بلغ ثمن كيس الخيش الواحد 200 ليرة، مما يجبر المزارع على تجميع المحصول على الأرض ريثما يتم تأمين الأكياس. كما قلّ عدد الآليات الخاصة بجني المحصول (الحصادة) بسبب كثرة حواجز النظام، فلم يعد أصحاب تلك الآليات يجرؤون على العمل، مما يضطرّ المزارع إلى اللجوء إلى الطرق البدائية اليدوية المتعبة التي تزيد من تكاليف الحصاد. يقول المزارع أبو صطوف، من الريف الغربيّ لإدلب: «في العام الماضي لم نستطع جني المحصول بآليات الحصاد (الحصادة (بسبب كثرة حواجز النظام التي باتت تستهدف تلك الآليات، أو تتقاضى مبالغ كبيرةً مقابل السماح لها بالعبور. وبعد تحرير المنطقة عادت بعض الآليات إلى العمل هذا العام، لكن إيجار حصاد الدونم الواحد صار يصل إلى 7 آلاف ليرة، بسبب ارتفاع ثمن الوقود وصعوبة تنقل هذه الآليات وجشع بعض مالكيها». خطورة الحصاد الحصاد من أخطر الأعمال التي يقوم بها الفلاح، فقد تعرّضت حقول قمحٍ للحرق بالقذائف أو الذخائر المتفجّرة أثناء الحصاد، ما يشكّل خطورةً كبيرةً على الآليات وعلى الفلاحين. كما حصل العام الماضي عندما استهدف حاجزٌ للنظام، موجودٌ في قرية المغير في الريف الشماليّ لحماة، حقل قمحٍ في بلدة كفرزيتا أثناء الحصاد بقذائف حارقة، ما تسبّب في حرق أكثر من 100 هكتارٍ وإصابة أربعة عمال حصادٍ بحروقٍ خطيرة. كما استهدف طيران النظام بلدة السرمانية بعددٍ من الغارات الجوية أدّت إلى حرق أكثر من 150 هكتاراً من القمح، ناهيك عن حرق محاصيل أخرى في قرىً وبلداتٍ مجاورة. وفي العام الماضي تمّ حرق الكثير من المحاصيل بشكلٍ كامل، وبخاصّة في الأراضي المحيطة بحواجز النظام، عقوبةً للفلاحين أو بسبب رفضهم دفع الإتاوات لهذه الحواجز. وفي الكثير من المناطق تأقلم الفلاحون مع الوضع قدر الإمكان، فقام بعضهم بتوزيع خزانات ماءٍ في مناطق متفرّقةٍ من الأرض لتكون جاهزةً في حال نشوب حريق، كما قام آخرون بتقسيم الحقل الواحد إلى عدّة قطعٍ تفصل بينها مسافات، حتى لا تلتهم النيران مساحاتٍ كبيرةً منها عند الحريق. بيع المحصول سعّر النظام كيلو القمح بـ100 ليرةٍ (أي ما يعادل 14 سنتاً) في المناطق التي يسيطر عليها، وفرضت «قوات سورية الديمقراطية» التسعيرة نفسها في مناطق الحسكة. ولا يغطي هذا السعر مصاريف الإنتاج، وبالتالي سيتعرّض الكثير من الفلاحين لخسارةٍ كبيرة. أما في مناطق ريف إدلب وحماة وحلب فقد تم تحديد سعر كيلو القمح بـ150 ليرةً من قبل الهيئات التابعة للمعارضة المتمثلة في الائتلاف أو المنظمات العاملة في المجال الإنسانيّ، و140 ليرةً لكيلو الشعير.
وكان مزارعو ريف حماة قد باعوا أكثر من 450 ألف طنٍّ من القمح للنظام بأسعارٍ زهيدةٍ لا تتجاوز الـ40 ليرةً للكيلو في العام الماضي، لعدم وجود مؤسّساتٍ تتبع للمعارضة تستجرّ كامل الإنتاج، إذ كانت الكميات التي اشترتها مؤسّسات المعارضة قليلةً جداً. وفي هذا العام يتخوّف المزارعون من تكرار تجربة العام الفائت بعدم وجود منفذٍ لتصريف محصولهم إلا عبر مؤسّسات النظام الذي يعمل على بيع القمح السوريّ عالي الجودة للخارج واستيراد كمياتٍ من القمح ذات جودةٍ متدنيةٍ للتربّح بفارق الأسعار.