من المغامرات التي قد تودي بصاحبها إلى المخاطر، حمل كتابٍ لا يعجب تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) والتجوّل به في الشارع. والكتب التي لا تعجب التنظيم هي كلّ الكتب، باستثناء الكتيبات التي توزّعها نقاطه الإعلامية والدعوية، تلك المطبوعة على عجلٍ وبأحرفٍ كبيرةٍ، تحضّ على بيعة الخليفة وتكفّر من يناصب "الدولة" العداء.
وفي دير الــزور، كما في غيرها من المدن الخاضعة لسيطرة "داعش"، يحاول من اعتادوا قراءة الكتب التكيّف مع الظروف الراهنة، اذ تنقل الكتب بحذرٍ شديدٍ وتخبّأ بعنايةٍ في أمكنةٍ وزوايا لا تخطر على بال عناصر "داعش" إن تعرّض المنزل للتفتيش. وقد تمكّن محمد، وهو واحدٌ من قرّاء الكتب النادرين أصلاً، من مواصلة عادته في القراءة اليومية رغم الظروف الصعبة والخطرة التي مرّت بها المدينة سابقاً. لكنه يشعر اليوم بالخوف عندما يتخيّل "الدواعش يداهمون البيت ويشوفون هالكتب". حتماً سيكون محمد في ورطةٍ إن وقف أيّ رقيبٍ من داعش أمام روايات ماركيز ونجيب محفوظ وكونديرا وكويللو. ولكن الشابّ يضيف أنه، ورغم خوفه هذا، لم يتوقف عن استعارة الكتب من صديقٍ "يقرأ الكتب" هو الآخر، كان له دورٌ في نقل جزءٍ من مكتبة المركز الثقافيّ وحفظها في مكانٍ أمينٍ، لو عرفت به داعش لحوّلت الكتب إلى كومةٍ من نارٍ ورماد، كما فعلت مرّاتٍ عدّةً في أمكنةٍ مختلفة.