- Home
- Articles
- Radar
من حـقـل الـعـمـر ... رواياتٌ حول مقتل أبو سياف واعتقال زوجته
تكللت عملية الإنزال التي نفذتها عناصر وحدةٍ أمريكيةٍ خاصّةٍ في حقل العمر النفطيّ شرقي دير الزور بالنجاح هذه المرّة، بعد أن فشلت عمليةٌ مماثلةٌ جرت قرب مدينة الرقة في إنقاذ الصحفيّ جيمس فولي الذي كان في قبضة داعش، ليقوم التنظيم لاحقاً بإعدامه في شهر آب من العام الماضي.
وأعلن وزير الدفاع الأمريكيّ، أشتون كارتر، عن مقتل أبو سياف "المسؤول عن العمليات المالية وعمليات بيع وتهريب النفط والغاز في التنظيم، واعتقال زوجته أم سياف". فيما كشف أحد المسؤولين في وزارة الدفاع الأمريكية عن مقتل ما لا يقلّ عن 12 عنصراً وقيادياً آخرين، بالإضافة إلى تحرير"سبيةٍ" يزيديةٍ كانت في منزل أبو سياف. في حين تضاربت الروايات حول مجريات العملية وأهدافها وأسباب اعتقال أم سياف.
معلوماتٌ حول أبو سياف وأم سياف
هو نبيل الجبوري. عراقيّ الجنسية. يبلغ من العمر قرابة الـ45 عاماً. وهو من كبار قيادات داعش في "ولاية الخير". كان يقيم مع زوجته أم سياف في تونس قبل مجيئه إلى سورية. أقام في مدينة الطبقة قرابة الستة أشهر. وعيّن أميراً للركاز في "ولاية الخير" بعد سيطرة داعش على محافظة دير الزور الصيف الماضي.
ولا توجد معلوماتٌ دقيقةٌ عن أم سياف سوى أنها عراقية الجنسية. ويعود ذلك إلى عدم اختلاط المهاجرات مع نساء المدينة السكنية، وحرصهنّ على السرّية التامة، وافتقارهنّ إلى العلاقات الاجتماعية. وقيل إنها "مسؤولة سبايا التنظيم"
روايات الشهود عن العملية
بحسب شهود عيانٍ من قلب المدينة السكنية لحقل العمر، بدأت العملية في حدود الساعة الواحدة والنصف فجر يوم السبت السادس عشر من هذا الشهر، واستغرقت قرابة الساعتين، بخلاف ما تداولته الكثير من المواقع الإخبارية التي أشارت إلى حدوث عملية إنزالٍ سريعةٍ استغرقت نصف الساعة. وحدثت خلال تلك الساعتين اشتباكاتٌ عنيفةٌ بين القوّة المهاجمة، المكوّنة من أكثر من 100 عنصر كوماندوس، يرافقهم مترجمٌ عراقيّ الجنسية، إضافةً إلى مجموعةٍ من الكلاب البوليسية، وبين عناصر داعش. وقد تمّ الإنزال على مرحلتين من خلال مروحيتين وطائرة، فنزل قسمٌ من عناصر الوحدة الأمريكية عن طريق سلالم على سطح المبنى الذي يتحصّن فيه أبو سياف، واشتبكوا مع قرابة 8 عناصر من التنظيم، في حين تمّ إنزال دفعةٍ أخرى من عناصر الوحدة على الأرض أمام المبنى وتمّت عملية الاقتحام عن طريق نسف الحائط الجانبيّ له. لتسفر العملية عن مقتل أبو سياف، "أمير الركاز" في الولاية، ومعه أبو أسامة الديري "المدير الماليّ للحقل"، وأحد مساعدي عمر الشيشاني، المسؤول العسكريّ في التنظيم، وأبو عبد الرحمن اللاذقانيّ، وهو مسؤولٌ عن قطاع الاتصالات، وقياديين آخرين من دول المغرب العربيّ لم تعرف أسماؤهم، إضافةً إلى مقتل عنصرين كانا يقاتلان عند جامع المدينة السكنية في الحقل أحدهما هنديّ الجنسية. في حين أفاد شهودٌ على العملية عن اعتقال ابنة المدعو أبو أسامة الديري، البالغة من العمر 11 عاماً، والتي قيل إنها مريضةٌ بالسرطان، إلى جانب أم سياف، ونقلهما إلى بغداد، وتحرير "سبيةٍ" يزيديةٍ كانت تقيم في المنزل.
وتتضارب الأقوال حول الهدف من العملية. إذ يرى البعض أنه من غير المعقول أن تخاطر أمريكا بقوّاتها الخاصّة من أجل شخصيةٍ لم تكن تعدّ من شخصيات الصفّ الأول في التنظيم كأبي سياف، وأن المستهدف الحقيقيّ شخصيةٌ كبيرةٌ أكثر أهمية، ربما تكون أبو محمد العدنانيّ الناطق باسم داعش، والذي كان أبو سياف يرافقه في أوقاتٍ كثيرة. وهو ما أكّدته مصادر مقرّبةٌ من التنظيم في المنطقة من أن العدنانيّ شوهد عدّة مرّاتٍ في المدينة السكنية منذ قرابة الأربعة أشهر. إلا أن تلك المصادر لم تؤكد إقامته الدائمة في المدينة السكنية، في حين أكّدت تردده عليها وعلى حقل العمر بكثرةٍ، برفقة أبو سياف.
وتسري روايةٌ أخرى يرى فيها البعض أن أم سياف متعاونةٌ مع القوّات الأمريكية والسلطات العراقية، وهي من قامت بتسريب المعلومات حول أماكن وجود زوجها ورفاقه. والدليل على ذلك سؤال المترجم العراقيّ عنها فور نزوله من الطائرة، والاكتفاء باعتقالها دون قتلها.
ردود الأفعال
اكتفى التنظيم بالإعلان عن نجاحه في صدّ الهجوم الأمريكيّ، دون أن يعلن عن مقتل قيادييه وعناصره. فيما سارع تلفزيون النظام الأسديّ إلى تبني العملية، بعد إعلانه في خبرٍ عاجلٍ عن مقتل ما يسمّى وزير نفط داعش، أبو تيم السعوديّ، مع 40 شخصاً، في عمليةٍ نوعية. مما حمل بعض المحللين على الشكّ في وجود تنسيقٍ مسبقٍ مع النظام، وهذا ما نفته الإدارة الأمريكية.
وشهدت المدينة السكنية، بعد عملية الإنزال، حالة هلعٍ ونزوحٍ للعديد من المهاجرين وعناصر التنظيم وعوائلهم. كما تمّ قطع جميع وسائل الاتصال والإنترنت في المدينة السكنية، إضافةً إلى توزيع إنذاراتٍ لـ20 عائلةً من المدنيين الباقين لإخلاء بيوتهم خلال مدّةٍ أقصاها أسبوع، بحسب ما أفاد بعض سكان المدينة.
وتبعد المدينة السكنية عن موقع الحقل قرابة الـ5 كم. وتضمّ 250 شقةً وقرابة الـ13"كرافانة". يقطنها مهندسو الحقل وموظفوه وبعض العوائل النازحة من مدينة دير الزور والقرى المحيطة بالمطار العسكريّ. إلا أن التنظيم، وبعد سيطرته على الحقل العام الماضي، قام بتوزيع إنذاراتٍ لإخلاء البيوت، وقام بطرد 200 عائلةٍ، تاركاً فقط عائلات المهندسين والفنيين الذين لا يمكنه الاستغناء عنهم.
وبحسب بعض سكان المدينة، يقدّر عدد المهاجرين وعوائلهم بقرابة الـ142، معظمهم من قياديّي داعش في المنطقة، ومسؤولون مهمون ذكر منهم أبو رحمة العراقيّ وأبو العباس السوداني وأبو أسامة التونسي وأبو عبد الرحمن السعودي وأبو مصطفى الأنصاري. في حين بلغ عدد عناصر التنظيم المحليين وعوائلهم الـ50. فيما تستخدم 4 شققٍ كمقرّاتٍ ومخازن ذخيرةٍ وأسلحة، وشقتان للـ"سبايا"، وشقتان لأرامل التنظيم.