منذ أن بدأ التحالف الدوليّ، من جهةٍ، باستهداف محيط آبار النفط في دير الزور والسيارات التي تتجمّع لملء حمولتها، والطيران الروسيّ، من جهةٍ أخرى، بقصف أرتال تلك السيارات منذ أكثر من ستة أشهرٍ؛ وتنظيم الدولة الإسلامية يحاول أن يجد الوسائل والأساليب البديلة للتحايل على تلك الضربات.
ومن بين تلك الأساليب منح حقّ استجرار النفط لتجارٍ محليين مقابل مبالغ متفقٍ عليها عن طريق مكتبٍ افتتحه التنظيم في قرية الطيّانة (60 كم شرق مدينة دير الزور) أطلق عليه اسم "مكتب الاستثمار النفطيّ". ويتولى إدارته مسؤولان في التنظيم هما "أمير الاستثمار" أبو عبد الرحمن الأنصاريّ، من أبناء دير الزور، ومهمته، بحسب مشتغلين في المجال النفطيّ، "تعيين الآبار المطروحة للاستثمار، وتحديد العروض (الكمية أو الأيام) التي تطرح ضمنها في المزادات العلنية". والثاني هو "أمير الإنتاج" أبو المعتصم العراقيّ، ومهمته، بحسب الأشخاص ذاتهم، "تنظيم المزادات التي يحصل من خلالها المستثمرون على حقّ استجرار النفط، ومنح الاستمارات الخاصّة للدخول في المزاد، وتوقيع العقود بعد انتهائه". وبحسب أحد العاملين المحليين في مكتب الاستثمار فإنه "لا توجد شروطٌ يجب توافرها في المستثمر"، على أن الكثير من الأهالي والمتابعين يقولون إن التنظيم لا يسمح بالاستثمار إلا للمقرّبين منه.
وعن كيفية تحديد سعر البرميل وطريقة عمل المزاد يفيد أحد تجار النفط أن "سعر البرميل يحدّده آخر استثمارٍ للبئر. فإذا كان المستثمر السابق قد اشترى البرميل بـ40 دولاراً فإن المزاد يبدأ من ذلك السعر فصاعداً. ويشتري المستثمر الكمية التي يرغب التنظيم في بيعها". ويضيف تاجرٌ آخر أن "هناك طريقةً أخرى متبعةٌ منذ فترةٍ في المزادات تنصّ على دفع المستثمر الراغب في الدخول في المزاد 10 في المائة من سعر الكمية التي يرغب في استجرارها إذا كسب المزاد، مقابل وصلٍ بذاك المبلغ". فإذا رغب في شراء كمية نفطٍ بـ100 ألف دولارٍ، مثلاً، يدفع 10 آلاف دولار للمشاركة في المزاد، فإن كان العقد من نصيبه أكمل تسديد المبلغ وإلا استعاد ماله بموجب الوصل الذي معه.
ويقول التاجر "إن مكتب الاستثمار طرح، في الأيام الماضية، طريقةً أخرى بالاعتماد على الأيام المتفق عليها وليس على الكمية". فعلى سبيل المثال يُطرح بئرٌ معيّنٌ في المزاد العلنيّ بغرض إعطائه لأحد التجار لثلاثة أيام، وعند الانتهاء من المزاد ورسوّه يذهب جميع النفط المتاح في الأيام الثلاثة للتاجر صاحب العقد.
ويعدّ مكتب الاستثمار النفطيّ طريقةً جديدةً يتبعها التنظيم لبيع النفط، بعد أن كان يعتمد أسلوب البيع المباشر عن طريق عماله التابعين لـ"ديوان الركاز" منذ سيطرته على النفط في دير الزور في منتصف عام 2014.
يذكر أن التحالف الدوليّ استهدف في شهر أيلول من 2014 مصافي نفطيةً تبيّن لاحقاً أنها أهلية، ليتوقف بعدها عن قصف أهدافٍ نفطيةٍ حتى الربع الأخير من السنة الماضية، عندما بدأ بضرب أهدافٍ نفطيةٍ عديدةٍ مستهدفاً محيطها اللوجستيّ في الغالب، بالإضافة إلى استهداف الطيران الروسيّ سيارات تجار النفط.
أمثلة عن بعض العقود التي وقعها مكتب الاستثمار النفطيّ في أواخر آذار الماضي:
بئر الخير: سعر البرميل 38 دولاراً أمريكياً.
بئر من ضمن حقل التيّم (مرقد- مصفى): سعر البرميل 54 دولاراً.
بئر الأصفر: سعر البرميل 37 دولاراً.
بئر السياد: سعر البرميل 26 دولاراً.
بئر البشار: سعر البرميل 18 دولاراً.
بئر أبو شوارب: سعر البرميل 16 دولاراً.
بئر أبو جمرة: سعر البرميل 16 دولاراً.
بئر البركة: سعر البرميل 40 دولاراً.