- Home
- Articles
- Radar
معسكر الطلائع في السويداء.. معتقل البؤس والذل لنازحي المنطقة الشرقية والبادية
«معسكر الطلائع يُعتبر أشبه بسجن، أو معتقل كبير، يضم آلاف الرجال والنساء والأطفال. إذ تمنع قوات النظام الواصلين حديثاَ إلى المعسكر من مغادرته، خصوصاَ إذا كانوا من أبناء المنطقة الشرقية، بتهمة كونهم من أسر عناصر تنظيم الدولة، بينما تسمح لبعض الأسر الأقدم بالخروج من المعسكر والعودة إليه، في حالات معينة، شريطة عدم خروج جميع أفراد العائلة».
هكذا يُلخّص أبو حازم تجربته في معسكر الطلائع، وهو نازح من ريف دير الزور الشرقي أُجبر على الإقامة في المعسكر، الذي يقع بجانب الطريق بين قرية رساس وقرية العفينة في ريف السويداء الغربي. تبلغ مساحة المعسكر نحو عشرة هكتارات، يضم داخله عشرات الغرف الصغيرة ضمن ثلاث كتل من الأبنية، وساحات تستخدم لإنشاء خيم يقيم فيها النازحون الواصلون حديثاَ، كما يضم مدرسة تستخدم ثلاثة طوابق منها لإقامة النازحين. ويُحيط بالمعسكر سور يفصله عما يقع خارجه، ويمنع النازحين من مغادرته.
أبو حازم وصل مع عائلته، وعشرات المدنيين الآخرين من دير الزور، إلى ريف السويداء الشرقي في نيسان عام 2016، وكانوا حينها ينوون دخول محافظة السويداء والتوجه منها إلى مناطق أخرى، كل حسب وجهته، وبعد أن اتفق النازحون مع أحد المهربين على دخول المحافظة أوقفهم عناصر من الأمن العسكري، وقاموا بنقلهم إلى المعسكر بعد أن أخذوا منهم أربعة آلاف ليرة عن كل شخص، مااضطر أبو حازم لدفع عشرين ألفاَ، عنه وعن عائلته، لقاء إيصالهم إلى هذا السجن.
رغم تخوف النازحين بداية من الإقامة في السويداء بسبب الاعتقاد بأن جميع أبناء المحافظة مؤيدون للأسد، إلا أن اضطرارهم للبحث عن مكان آمن دفعهم للتوجه إليها، لكن السويداء لم تبق تلك المنطقة الآمنة كما كان يفترض كثيرون. ويعيش معظم النازحين الوافدين إلى السويداء في بيوت استأجروها داخل المدينة، أو على أطرافها، أو في بعض القرى والبلدات، بينما أنشأت حكومة النظام عدداَ من مراكز الإيواء للنازحين، إلا أنها استطاعت تحويلها من أماكن قامت على فكرة إنقاذ المتضررين، إلى ما يشبه المعتقلات الجماعية التي تديرها أجهزة أمن النظام وتُشرف عليها مخابراته.
ويُعتبر معسكر الطلائع أكبر هذه المعتقلات، وتُشير التقديرات إلى وجود أكثر من خمسة آلاف شخص في المعسكر. في البداية توجّه كثير من النازحين إلى معسكر الطلائع لعدم قدرتهم على استئجار منزل على نفقتهم الخاصة، ثم راحت قوات النظام، في الفترات اللاحقة، تُجبر النازحين الواصلين حديثاَ على الإقامة في المعسكر، كما أنها سبق أن رحّلت مئات النازحين باتجاه مخيمات أُقيمت لهم في ريف دمشق، إلا أنها أسوأ حالاَ من المعسكر، بحسب أبو حازم، وتقدر أعداد النازحين الذين احتجزوا داخل المعسكر لفترات متفاوتة بنحو عشرين ألف مدني.
يخضع المعسكر لسلطة الأمن العسكري الذي ينشر نقاط حراسة هناك، إضافة لانتشار عدد من عناصره المسلحين على سطح المدرسة التي تستخدم مسكناَ للنازحين، وتدريس أطفالهم في طابق منها، في ما يمنع عناصر الأمن الموجودون عند مدخل المعسكر دخول أو خروج أحد إلا بموجب إذن من قيادة المعسكر. ويروي أبو حازم أن ضباطاَ روساَ سبق أن زاروا معسكر الطلائع عدة مرات في الأشهر الماضية، إلا أنهم لم يقدموا شيئاً يذكر.
أحد قاطني المعسكر يُشير إلى أن أبناء البادية السورية والمناطق الشرقية يشكلون النسبة الأكبر من قاطني المخيم، بسبب اضطرارهم للنزوح مراراَ نتيجة قصف قوات النظام لتلك المناطق، ووجود تنظيم الدولة فيها. كما تُقيم في المعسكر عائلات نزحتْ من محافظات أخرى أبرزها درعا وريف دمشق وحمص، إضافة لوجود نحو 15 عائلة فلسطينية نزحت من جنوب دمشق.
ويُفيد أحد أبناء ريف السويداء الشرقي أن سائقي الشاحنات يدفعون جزءاَ من المبلغ الذي يحصلون عليه من النازحين لحواجز النظام بهدف تسهيل مرورهم، إلا أنهم رغم ذلك يتعرضون في بعض الأحيان لإطلاق نار من قبل هذه الحواجز لأسباب عدة: من بينها تهربهم أحياناَ من دفع الرشاوى، أو عدم التنسيق مع جميع هذه الحواجز، ما أسفر أكثر من مرة عن إصابة بعض النازحين، كما سبق أن قُتل سائق إحدى الشاحنات في واحدة من هذه الحوادث. كما أن قوات النظام باتت تمنع دخول النازحين إلى السويداء منذ نحو عامين، حيث تقوم بتجميعهم ونقلهم بشكل جماعي إلى معسكر الطلائع، مقابل مبالغ يُجبرون على دفعها، تتراوح بين ثلاثة وخمسة آلاف ليرة، حيث يتم التعامل معهم على أنهم من عائلات عناصر تنظيم الدولة، ويتلقون معاملة سيئة أثناء نقلهم، وبعد وصولهم إلى المعسكر.
في المعسكر نقطة طبية خالية إلا من بعض الأدوية المسكنة، مع عدم وجود طبيب مختص، حيث يزور المخيم بشكل شبه أسبوعي طبيب أو طبيبة لفحص المرضى ذوي الحالات السيئة، وسط انتشار أمراض المعدة والأمعاء، والأمراض المتعلقة بالنظافة مثل الجرب. وتعجز المنظمات الإنسانية أو الإغاثية عن تقديم الدعم الكافي بسبب خضوع المعسكر لسلطة الأمن العسكري، الذي يفرض وصول المساعدات لقبضته بداية، ليوزع ما تبقى منها على النازحين.