قُتل "هلال الأسد" وانتهى الأمر. لا، بل الأصح القول: "قُتل الشبيح الوغد المجرم الرعاعيّ زعيم ميليشيا جيش الدفاع الطائفي.. ابن عم المجرم زعيم قصر المهاجرين بشار الأسد وارث السلطة بتواطؤٍ أمريكيٍّ عن الديكتاتور الراحل حافظ الأسد". بهكذا عبارةٍ يمكن أن ينتهي أمر هذا "الحثالي" منطقياً وأخلاقياً بالنسبة إلى السوريين، على اعتبار أنه تزعّم عمليات القتل الجماعي وحملات الإبادة والاعتقال والتعذيب والإذلال بحق المدنيين في اللاذقية، بتفويضٍ رسميٍّ من رأس النظام، وبتغطيةٍ "بوتينية – لافروفية – ملالية - لطمية" منقطعة النظير.
ولأن زمن المواربة والحياء قد مات بالنسبة إلى نظام الأسد، فقد نشر تلفزيونه الرسميّ وغير الرسميّ (بكل فجاجة) نبأ مقتل "هلال الأسد" كزعيم طائفةٍ بصبغةٍ "مافيويةٍ" لا يدرك حقيقة قذارتها سوى أهل اللاذقية. ويتساءل "متسائلون": "كيف يسمح النظام بنشر نبأ مقتل رمزٍ من رموز التطهير الطائفيّ في سوريا بحجم هلال الأسد؟!". ثم يتساءل "المتسائلون" أنفسهم: "وكيف يقبل ابن أنيسة أن ينشر خبراً كهذا وهو يشكل اعترافاً صريحاً بأن نظام حكم العائلة هو الراسخ في نظام الجمهورية!"، فيجيب "المجيبون": "إن بشار الأسد، وبالرغم من كلّ بلاهته المشهود بها، يدرك أن العالم المتحضّر لا يكترث لمسألة حكم العائلة في الجمهورية السورية، فاستثمر هذا مقتل ابن عمه هلال كرسالةٍ لقسمٍ كبيرٍ من طائفته التي بدأت أصوات النقمة ترتفع فيها بالرصاص على زعيم طائفتهم بشار المستهتر بأسرى الطائفة".
ولأن قائد "قوّات الدفاع الوطنيّ" هلال الأسد، أو "رئيس اللاذقية" كما يلقبه الأهالي هناك، قد مات؛ سواءً أكان مقتله في معارك "كسب" بريف اللاذقية كما ادّعى النظام، أم في "المربع الأمنيّ" باللاذقية في عمليةٍ نوعيةٍ لمقاتلي الجيش الحرّ، أم قضى نتيجة تصفية حساباتٍ بين "زعران الطائفة"؛ فإن هلال الأسد، الذي وصفه قائد مجزرة البيضا ببانياس "مهراج أورال" بـ"المجاهد"، قد ترك إرثاً عظيماً من قطعان الشبيحة بلا رواتب ولا عمل. إذ تكمن عظمة ذلك "المجاهد الراحل" بأنه يمتلك جيشاً خاصاً بالآلاف أتى بهم من القرى المجاورة، يحرّكهم بإشارةٍ من إصبعه لإبادة أكبر عددٍ ممكنٍ من الوهابيين الصهاينة، أو بتعبيرٍ أدقّ "أهل اللاذقية السّنة". كما وهبه القصر الجمهوري "إسطبل الخيل" الموجود في المدينة الرياضية، وهو أكبر سجنٍ سرّيٍّ في سوريا، حيث تجري في أقبيته عمليات الإبادة الجماعية للمعتقلين.
يحتشد أتباع الشبّيح الراحل في محافظة اللاذقية لتشييعه إلى مثواه الأخير في حفلٍ مهيبٍ من الترهيب المافيوي وإطلاق الرصاص باتجاه الأحياء المعارضة التي يقطنها "الصهيوـ وهابيون". وينفذ رجاله عمليات المداهمة والاختطاف والاعتقال والخطف والابتزاز غير المأجور، لأن سيدهم قد مات، وتوقفت رواتبهم حتى إشعارٍ آخر. وتندلع مشاجرةٌ في التشييع بين عائلتين لهما باعٌ طويلٌ في التشبيح، الأولى "آل صقر" والثانية "آل عباس". وقد بدأ الأمر بينهما بخلافٍ على استلام تنظيم التشييع، وحراسة الموكب، ثم تطوّرت المشادّات الكلامية بين عناصرهما لتتحول إلى إطلاق رصاصٍ عشوائيٍّ في السماء، ثم لتتوجه فوهات البنادق نحو مساكن الأحياء "السنية" المعارضة، في عملية تحدٍ لأوامر القصر الجمهوريّ بضرورة التهدئة وعدم إصدار أي بلبلةٍ تحرج قصر الكرملين المنشغل باحتلال "القرم"، ثم ليصبح الخلاف على قيادة سيارات المرسيدس الفخمة في الموكب. ثم يجتمع أخيراً رأسا العائلتين على الرصيف ويبدآن بتقاسم أملاك هلال ويتفقان على التهدئة ريثما يتم دفن "المجاهد" وسط تحليق الطيران المروحيّ على علوٍّ منخفضٍ في سماء المدينة.
تعجّ صفحات الشبيحة في مواقع التواصل الاجتماعي بعبارات الحزن على زعيمهم هلال الأسد، لكن حزنهم لا يكتمل إلا بعبارت الشحن الطائفي والتحريض على إبادة السوريين، وهم يتحدثون عن توريث "فرخ" الشبيح القاصر "سليمان الأسد" أعمال وأملاك والده. ولعل أكثر ما أراح قلوب الشبيحة خروج "سليمان" بسيارة دفعٍ رباعيٍّ محمّلةٍ برشاشٍ ثقيلٍ وقيامه بمشاركة عددٍ من سيارات الشبيحة باقتحام حي الصليبة، حيث أطلقوا الرصاص الكثيف والقنابل اليدوية على أيّ شيءٍ يتحرك. ويروي أحد من شاركوا في تلك العربدة الطائفية، أن "البطل الوطنيّ" سليمان الأسد قام بعد مراسم دفن والده "المجاهد" باقتحام أحياء "الوهابيين" باللاذقية وهو يصرخ بأعلى صوته: "أنا ابن قائد الساحل يا أخوات الشـ.... "!!