في بلدة الطيّانة... ثلثا الأراضي الزراعيّة توقفت عن العمل والمجلس المحليّ يعمل بما يتوافر لديه من إمكانات

على الضفة الشمالية لنهر الفرات، وعلى مسافة (60) كم شرقيّ دير الزور تقع بلدة الطيّانة. ويقدّر عدد السكان فيها بـ (14) ألف نسمة، يضاف إليهم نحو ألفٍ من النازحين. ويعمل معظم السكان في الزراعة وتربية المواشي.

من أعمال المجلس المحليّ

تأسّس المجلس المحليّ في الطيانة في منتصف شهر تشرين الثاني من العام 2012. وفور تشكله اضطلع بالكثير من المهمات الإغاثية والخدمية في البلدة. ويقول المحامي سعيد المنادي، رئيس مجلس الطيانة المحليّ، لـ"عين المدينة": "قام مكتب الخدمات التابع للمجلس بعددٍ من المشاريع الخدمية في البلدة. ففي مجال مياه الشرب، وبعد انحسار مياه نهر الفرات مبتعداً عن أنابيب السحب في محطة التصفية، بادر مكتب الخدمات بالتصدّي لهذه المشكلة، فاستقرّ رأي المختصين على تمديد أنابيب السحب إلى داخل النهر لضمان وصولٍ دائمٍ لمياه النهر في مختلف أوقات العام. ويتلخص المشروع في إنشاء لسانٍ صخريٍّ بمسافة 80 متراً داخل النهر، يعلوه جسرٌ بيتونيٌّ لحمل أنابيب سحب المياه إلى محطة التصفية. نفذ المشروع بكلفة (2.400.000) ل. س. وقد ساعد أهالي البلدة في تأمين هذا المبلغ". وعن أعمال المجلس في جانب خدمات الصرف الصحيّ يقول المنادي إن مكتب الخدمات قام بصيانة 25 غرفة تفتيشٍ أو "ريجار" بعد توقفها عن العمل، وخاصة بعد هطول الأمطار. ويقوم المجلس اليوم بدفع مكافآتٍ ماليةٍ لعمال البلدية والتنظيفات. وعن أعمال صيانة الشبكة الكهربائية في البلدة يقول المنادي: "قام مكتب الخدمات بتأمين قواطع كهربائيةٍ ومحطات تحويلٍ للشبكة، وبلغت مصاريف أعمال الكهرباء (7.00.000) ل. س". ومن جانبٍ آخر يتحدث المنادي عن قيام مكتب التعليم في المجلس بصيانة بعض المدارس المتضرّرة، لاستئناف العملية التعليمية في البلدة. وكذلك تقديم ما يلزم من كتبٍ ودفاتر وقرطاسية.

زراعة الطيّانة في خطر

يعدّ القطن والقمح في أوائل المنتجات الزراعية للطيّانة. إلا أن الزراعة في هذه البلدة الصغيرة تتعرّض لتهديداتٍ ومخاطر كثيرة، يلخصها المنادي بمشكلة الريّ أولاً، إذ تضاءلت غزارة المياه الواصلة إلى البلدة عبر مشروع الريّ المنفذ سابقاً، والذي يبدأ من قرية الزر ويمرّ ببلداتٍ وقرىً كثيرةٍ وينتهي بالطيّانة، مما يعني تعرّض مياه الريّ لكثيرٍ من الضياعات لأسبابٍ كثيرة، منها تراجع أعمال الصيانة، وكذلك الفوضى والإهمال، مما يؤدّي الى انقطاعاتٍ متكررةٍ للمياه أو الشحّ فيها. ويذكر المنادي مشكلةً أخرى من مشاكل الزراعة في البلدة، وهي تملح التربة بسبب توقف أعمال الصيانة والتجريف في خنادق الصرف، وتعطل محركات سحب المياه المالحة. كل ذلك أدّى، وبحسب المنادي، إلى تراجع العمل الزراعيّ في البلدة إلى حدٍّ كبيرٍ جداً مقارنةً بالحال قبل الثورة. فمن أصل 1800 هكتارٍ من مجموع مساحة الأراضي الزراعية في الطيّانة تزرع اليوم 600 هكتارٍ فقط، مما يعني خروج ثلثي الأراضي الزراعية في البلدة عن العمل. وهذه نسبة خطرةٌ جداً تهدّد العملية الزراعية كلها. ويضاف إلى المخاطر السابقة غلاء أسعار البذار والسماد والمحروقات، وكذلك مشاكل تسويق المحاصيل، ومشاكل التلوث بدخان عمليات تكرير النفط العشوائيّ، وتأثير ذلك على جودة هذه المحاصيل، إذ تغيرت ألوان أوراق المزروعات وثمارها. وفوق كلّ هذه المشاكل برزت مشكلةٌ أخرى لا تقلّ أهميةً هي فتور الفلاحين نحو عملهم في الأرض، بظهور النفط الخام وصناعاته البدائية والتجارة به والأرباح الكبيرة والسريعة الناتجة عن ذلك، مما أغرى الكثير من الفلاحين بهجر الزراعة إلى النفط طمعاً بالأرباح السهلة.
ويكرّر محمد الحسن، وهو خريج معهدٍ زراعيٍّ وفلاح، ذكر المشكلات السابقة، ويؤكد على خطرها الكبير على مستقبل الزراعة في البلدة. ولكنه يشير إلى أن معاناة الفلاحين في الطيانة تشابه معاناة الفلاحين في كامل ريف محافظة دير الزور. ولا يبدو أن مناشدتهم للهيئات والمؤسسات، على اختلاف تسمياتها، للتدخل والمساعدة، تجدي نفعاً حتى الآن.