امرأةٌ مطرودةٌ من منزلها: نسوةٌ مسلحاتٌ من داعش رمَينَ ملابسنا في الشارع.
في معظــم المــدن والـبلدات الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش، لا بدّ من مشاهدة جملة "ملاك الدولة الإسلامية" مطبوعةً على جدران بعض المنازل. وتعني هذه العبارة أن المنزل قد تمّ الاستيلاء عليه من قبل داعش، وتحوّل إلى أحد ممتلكاتها رغماً عن ملاّكه الحقيقيين. وتشمل قائمة الأشخاص الذين تمّ الاستيلاء على منازلهم مقاتلين من الجيش الحرّ ومن الفصائل الأخرى التي قاتلت التنظيم أثناء هجومه على محافظة دير الزور صيف العام الفائت، بالإضافة إلى ناشطين مدنيين وكلّ من له علاقةٌ بمؤسّسات المعارضة المختلفة، وغيرهم ممن يحكم عليهم التنظيم بالردّة.
السيدة (م) واحدةٌ من ضحايا داعش في ريف دير الزور الشرقيّ. أُخرجت عنوةً من منزلها، وهي تبحث اليوم عن مسكنٍ في مدينة الميادين. تقول: "بعد ما قالولي لازم تطلعين كتبوا على حايط بيتي (ملاك الدولة الإسلامية).
ما طلعت، وين بدي أروح! بعد يومين جابو نسوان من داعش شايلات بواريد وطلّعوني غصب عنّي أنا وأولادي، ورموا غراضنا بالشارع". وتضيف (م) أن الأثاث، وحتى أواني المطبخ، اعتبرت ملكاً لداعش، وسمحوا لها بأخذ الملابس فقط. وحدث كلّ ذلك لأن زوج (م) كان مقاتلاً في إحدى كتائب الجيش الحرّ التي تصدّت لداعش في المنطقة، واضطرّ، مع غيره ممن قاتلوها، إلى الخروج من المحافظة.
ويعدّ الاستيلاء على منازل "المرتدّين" قانوناً نافذاً من قوانين داعش قد يطال، في مرّاتٍ كثيرةٍ، المنازل المغلقة التي سافر ملاكها قبل الثورة، أو نزحوا إلى محافظاتٍ أخرى أو إلى خارج البلاد، وتحت أعذارٍ مختلفةٍ يسوقها عناصر التنظيم. فقد سُجّلت حالات استيلاءٍ على منازل في مدن الميادين والبوكمال وغيرها بحجّة أن أصحاب تلك المنازل لا يحوزون سندات تمليكٍ أو وثائق تثبت ملكيتهم لها.
لا توجد إحصاءاتٌ عن عدد المنازل والعقارات المختلفة التي استولت عليها داعش
في دير الزور، ولكن الأعداد كبيرةٌ حتماً بحسب ما يقول أحد المقرّبين من التنظيم، والذي يرى أن تأمين مسكنٍ لعائلة مهاجرٍ هو أمرٌ واجبٌ مهما كانت الوسيلة، لأن "المهاجر اللي يبيع الدنيا تا يدافع عنا لازم نأمّن له سكن بأي شكل"!
وبهذا، لا يأتي الاستيلاء على الممتلكات كمجرّد عقوبةٍ تفرضها داعش على خصومها، بل الغرض منه تلبية الحاجة إلى إسكان عوائل مقاتليها من "مهاجرين" و"أنصار"، أو تحويل المنازل المصادرة إلى مقرٍّ، أو مستودع ذخيرة، أو سجنٍ من سجون داعش الكثيرة.
وتثير قصص الاستيلاء على المنازل تعاطفاً كبيراً لدى السكان الذين يحاولون مساعدة المطرودين من منازلهم بأيّة طريقة. وقد نجحت حالاتٌ قليلةٌ، بعد وساطاتٍ، في إيصال شكواها إلى من يسمّى بوالي ولاية الخير/ دير الزور.