ببرنامج الفوتوشــوب عولجـــــت صورة المساعد أول حيدر عباس (أبو زين) بعد مقتله، لتنتشر على صفحات الشبّيحة على نطاقٍ محدود. فالرجل ليس مميزاً بين أقرانه من جنود الأسد بشيء، وهو يشبه عشرات آلاف القتلى الذين ولدوا في ضيع المؤيدين وجبالهم، وسارت بهم الحياة في مسارٍ مألوفٍ ليكونوا جنوداً أسديين في جيش بشار أو مخابراته، وكأن هذا المستقبل هو الخيار الطبيعيّ الوحيد الذي أتاحه الأسد لأبناء جلدته. وكما يبدو من التعليقات المعتادة يتقبّل هؤلاء "قدرهم" هذا بنوعٍ من الغضب الأحمق الذي ينفّس بالتهديد والوعيد والشتائم، دون المشاعر العميقة التي تنتاب البشر في لحظات المصيبة والموت؛ فأبو زين "بطلٌ من أمن الدولة في حماة، كما يشهد زملاؤه من طاقم المساعدين الأولين والعناصر وضباط الفرع، قتله الإرهابيون وصعدت روحه إلى السماء بجوار أرواح زملائه المساعدين الآخرين المقتولين قبله". وهكذا تنتقل روح الزمالة الأمنية من الأرض إلى السماء، وحتماً إلى الجنة، كما يردّد الشبيحة.
ويحاول معالج الفوتوشوب، من دون جدوى، أن يعدّل في صورة المقتول ليبدو شخصاً نبيلاً ومتحضراً، بربطة عنقٍ ووجهٍ متجانس الألوان وشاربٍ محدّد الحواف. ولكن البرنامج يعجز عن فعل شيءٍ للعينين، فتبقى النظرة تافهةً وخرساء وخاليةً من أيّ معنى سوى البلاهة والعبوديّة والتوحّش. ستكبّر هذه الصورة في منزل المقتول، وتتذكر زوجته أمام المعزّين يوم التقاطها في حفلة عرسٍ لزميلٍ أمنيٍّ في ضيعةٍ قريبة، وتتذكر أيضاً كيف رقص الزوج ودبك وغنّى
على أنغام الأورغ وصوت المطرب الذي يرسل التحيات إلى العميد ماهر والفريق بشار والسيد نصر الله، وإلى المساعد أول "حيدر عباس- أبو زين" وضيعته زور بعرين وباقي ضيع مصياف.