شبهات داعش

ردودٌ بالأدلة الشرعية الإسلامية

أصدرت هيئة الشام الإسلامية كتاب «شبهات تنظيم "الدولة الإسلامية" والرد عليها»*. وهو من إعداد د. عماد الدين خيتي، من المكتب العلميّ للهيئة، بعد مراجعة واستشارة مجموعةٍ من علماء العقيدة والفقه.

يتناول الكتاب عشرين شبهةً، موزّعةً على ثلاثة أقسام؛ يعنى الأول منها بالشبهات المتعلقة بمنهج التنظيم، والثاني بالشبهات حول قتاله، فيما يضمّ الثالث الشبهات التي يثيرها التنظيم عن منهج مخالفيه. وبدهيٌّ أن هذه المسائل مترابطة، تنبني وتتكامل لتوضح الموقف الإسلاميّ من التنظيم وفق رؤية هيئة الشام وكثيرٍ من الفقهاء.

ويبدأ القسم الأول بنقاش قولهم «لا يفتي قاعدٌ لمجاهد»، وهي العبارة التي يسوقونها لإسقاط آراء وفتاوى كلّ علماء الأمة تقريباً، رغم أنها ليست من القواعد الفقهية. وهاك الأئمة الأربعة وأكثر تلامذتهم أفتوا في أمور الجهاد وسواها ولم يكونوا من أهل الثغور، فالعبرة بصحة الاستدلال لا بحمل السلاح. أما دفاع أبناء التنظيم عن أنفسهم بعدم صحّة إطلاق وصف الخوارج عليهم لأنهم لا يكفّرون مرتكب الكبيرة؛ فيردّ عليه الكتاب بأن هذه المسألة ليست وصفاً جامعاً لكلّ الخوارج، الذين فصّلت السنة النبوية فيهم فأبانت أن أبرز سماتهم التكفير، واستباحة الدماء، والطيش والسَّفه، وحداثة السنّ مع الغرور والتعالي. وهو ما يتضح في أبناء التنظيم. أما استنادهم إلى وجود بعض المجدّين في العبادة بينهم فيفسّره أيضاً الحديث عن الخوارج: «يحقِر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم». وكذلك استدلالهم على صحة منهجهم بوجود «المهاجرين» في صفوفهم، في فهمٍ خاطئٍ للمدلول الإسلاميّ لهذه الكلمة. فالمهاجر –تعريفاً- هو من انتقل من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام فارّاً بدينه وهؤلاء لا ينطبق عليهم هذا الوصف؛ إذ قدم الكثير منهم من بلدانٍ مسلمة، ومن جاء منهم من بلادٍ أخرى لم يخرج منها فراراً بدينه من الاضطهاد، بل كان يعيش فيها آمناً مطمئناً. فضلاً عن أنه لم يرد في أيّ شرعٍ أو مذهبٍ أن مجرّد الهجرة دليلٌ على صحة المنهج! وقل مثل ذلك عن كثرة أعدائهم، التي يوردونها كأحد أدلة صواب ما يسيرون عليه، متجاهلين الأحاديث الكثيرة في تحبيذ ما عليه عموم المسلمين. وعلى كلّ حالٍ لا يقرّ أبناء التنظيم بإسلام مخالفيهم، من مدنيين وعسكريين وسياسيين، بل يتهمونهم بالردّة، ويزيدون على ذلك أن قتال هؤلاء أولى من قتال الكفّار. وهذه أيضاً من السمات الثابتة للخوارج، كما أوضحها أبرز مراجع السلفية الشيخ ابن تيمية نفسه، حين قال: «يستحلّون دماء أهل القبلة لاعتقادهم أنهم مرتدّون أكثر مما يستحلّون من دماء الكفار الذين ليسوا مرتدّين». مع توسّعهم في التكفير وتجاوزهم لضوابطه بشكلٍ صار فيه خاضعاً للجهل والغلوّ.

أما القسم الثاني من الشبهات فيبثه أبناء التنظيم في مخالفيهم لتوهين عزائمهم حين الدعوة إلى قتال هذه الفئة المنحرفة الباغية. ومنه قولهم إن الفصائل سارعت إلى قتال التنظيم قبل محاورته، رغم عددٍ لا يحصى من المناصحات والمحاورات قامت به أطرافٌ كثيرةٌ جداً لتجنب إراقة الدماء، ودوماً كان التنظيم هو المتعنت والمسارع إلى نقض العهود غدراً. إذ يقوم مشروعه أصلاً على اعتبار القوى التي تخالفه قوىً معاديةً لمجرّد عدم اعترافها بما يزعمه من خلافة. أما قولهم إن قتال التنظيم فتنةٌ بين المسلمين فهو تدليسٌ جديدٌ؛ إذ أمر القرآن بقتال الفئة الباغية، كما حضّت الأحاديث على قتال الخوارج. وقتال الفتنة –تعريفاً- هو القتال الذي لا تتبيّن فيه غايةٌ مشروعة، بل يتقاتل فيه الطرفان على ظلم، بخلاف قتال التنظيم إذ هو تنقيةٌ للدين من الغلوّ والابتداع، وهو بذلك مما يأمر به الشرع لما فيه من حمايةٍ للدين مما لبّسوا فيه على الناس، وحمايةٍ لأرواح هؤلاء الناس وممتلكاتهم.

ويعنى القسم الثالث من الكتاب بالاتهامات التي يوجّهها أبناء التنظيم للفصائل الأخرى؛ من أنها لا تكفّر «الطواغيت»، وتوالي الكفّار (التدخل الأجنبيّ)، وتميّع الدين استجابةً للدول الغربية... وسوى ذلك من التهم التي تأخذ بالشبهة وتتبنى تصوّراً شديد الانغلاق للإسلام وتدفع الناس إلى اعتناقه تحت طائلة أن يقوم التنظيم بتكفيرهم وإخراجهم من الملّة.. وكثيراً ما يفعل!

* يمكن تحميل الكتاب من الرابط: http://islamicsham.org/versions/2352