زياد الرحباني...
حين يقود العبث إلى الجريمة

لم تعد النكات التي يطلقها زياد الرحباني تضحك سوى الحمقى، وهم في معظمهم من خطّه السياسي المؤيّد لبشار الأسد وحسن نصر الله. ويثير الموقف العدائيّ الذي اتخذه هذا المؤلف الموسيقيّ من الثورة السورية خيبةً في أنفس القلة الناضجة من محبّيه، التي تتذرّع بأن عداوة الرجل لإسرائيل، وتكوينه الماركسي، حجبا عن بصيرته النور، فانحرف، من غير سوء نية، إلى تأييد قتلة الشعب السوري. والعجيب في أمر أعداء إسرائيل من القوميين واليساريين أن معظمهم قد انحرفت بهم الرؤيا (المنحرفة أصلاً) حين اندلعت ثورة السوريين المباركة.

والعجيب أيضاً أن ينقلب هذا المدافع عن حقوق الفقراء والضعفاء والمسحوقين إلى مؤيدٍ لجلاديهم. ولا يخفف التهريج الملازم لسلوك الرحباني من قسوة حقيقة أنه قد تحوّل إلى مجرّد منافقٍ لا يكفّ، في كل إطلالةٍ له على وسائل الإعلام، عن الثناء على نصر الله وحزبه، والاستهزاء بخصومه من السياسيين اللبنانيين. ويتندّر البعض، ممن لا يغفرون للموهوبين السابقين نذالاتهم الحاضرة، بأن العلاقة بين مدمن المخدرات وحزب الله علاقة سوقٍ وحاجةٍ وتقديم خدمات؛ فالحزب، في واحدٍ من أوجهه، وكالةٌ كبيرةٌ لتجارة المخدرات، والرحباني مستهلكٌ من طرازٍ رفيعٍ لها. والمستهلكون لهذا النوع من البضائع يقعون أسرى نفسيين في قبضة من يزودونهم بها.

وفي لقائه الأخير مع موقع العهد الاخباريّ، التابع لحزب الله، تمادى الرحباني كثيراً في تملقه لهذا الحزب، مشيداً بجاهزيته العسكرية. فقال في وصفه لوضع المقاومة، بحسب سؤال المحاورة: ممتاز.. وصلت إلى حدّ أن إسرائيل باتت تخشى جهوزيتها. أثق بالمقاومة وقدراتها على ردع العدو.. هي مستعدةٌ لأن يكون لديها نقصٌ بشريٌّ في سوريا مقابل عدم التفريط بمواجهة إسرائيل، وإلا لم بحوزتها السلاح!

وعن سؤالٍ حول متابعته لخطابات نصر الله أجاب: نعم بالتأكيد، وإذا تخلّفتُ عن ذلك بسبب عدم علمي بخطابٍ مرتقب، أحرص على معاودة مشاهدة الخطاب كاملاً.. حتى أنني أحتفظ بخطاباته المتلفزة في أرشيفٍ خاص. وأضاف أنه لم يلتقِ بـ"قائد المقاومة" حتى الآن، ولكنه يرغب في ذلك بالطبع، وعندما يلتقي به سيبلغه رسالةً خاصة! وعن والدته فيروز قال: فيروز تحبّ السيد حسن كثيراً، مع العلم أنها ستعتب عليّ كما المرّة الماضية عندما ظهرتُ في مقابلةٍ تلفزيونية، وكشفتُ عن بعض الأمور الخاصة بها.

وعن الثـــــورة الســــورية أبـــدى الرحباني استغرابه من مساعدة الولايات المتحدة الأمريكية للثوّار الذين سمّاهم التكفيريين، وعبّر عن قناعته بأن "الأزمة" لن تطول: أنا لا أشعر بهذا، رغم أن البعض يقول إن الأزمة مفتوحة.. لا أعتقد أنها ستظلّ كذلك، قد تحسم الأمور خلال 6 أو 7 أشهر. وإذا استمرّت مفتوحةً فستصبح خطرةً على الجميع، على روسيا وأمريكا، وبالتالي يدخل عليها عناصر جديدة. فمثلاً قد يفكّر أناسٌ جددٌ باستيراد السلاح..
وفي إجابـته عن ســــؤال إن كان يقلق على الوجود المسيحي في سوريا قال: أتخوّف على وجود المسلمين الشيعة المستهدفين بشكلٍ خطرٍ اليوم، إلى حدّ أنه سيُعمل لاحقاً على نبذهم.. لا أحد في الأساس متنبّهٌ إلى المسيحيين. الدول تتوقع هروبهم من المنطقة، خاصةً أنهم يفتقدون إلى القوة العسكرية.. الغرب يسعى إلى إثارة الفتنة بين المسلمين، فهذا أفضل من الدخول في معركةٍ معهم. استناداً إلى مجريات الأزمة السورية، تبيّن أن الغرب يفكر أنه لا يمكن الوثوق بالمسلمين، ولا سيما الحركات السلفيّة.

ولم يوفّر زياد فرصة السخرية من الربيع العربي كله، وبتعبيرٍ سوقيٍّ طالما استخدمه هذا المهرّج لإضحاك الناس. وكرّر تأييده لبشار الأسد وجرائمه الوحشية، قائلاً: لو كنتُ مكانه لفعلتُ الأمر نفسه.. لم تندلع الأزمة في سوريا بسبب مظاهرةٍ في درعا، لكنها كانت تحتاج إلى أن تنطلق من مكانٍ ما، فاختيرت درعا القريبة من الحدود الأردنية.