رئيس المجلس المحلي بدير الزور

من ورشات المجلس | عدسة ثائر

عانت مدينة دير الزور من ويلات الحرب من كافة الجوانب، فليس الدمار وحده ما يعكّر صفو الحياة في المدينة، ولكنه أساس أغلب مشاكلها.
واليوم، بعد مرور أكثر من عامٍ وثلاثة أشهر على بدء الحملة الهمجيّة على المدينة، تم تشكيل أربعة مجالس محلية متعاقبة، لم يكن أغلبها على تفاعلٍ مع وضع المدينة بسبب ظروف المعارك المستمرّة، وعدم وجود الكفاءة والخبرة في إدارة المؤسسات.
لكن المجلس المحلي الأخير، الذي مضى على انتخابه ثلاثة أشهر، كان أكثرها تنظيماً وعملاً، بمنظور أغلب الموجودين في المدينة منذ بداية الحملة.
فقد أسّس هذا المجلس، الذي يرأسه المهندس حسين الحيجي، لبنةً لمؤسسةٍ كاملةٍ تستطيع إدارة شؤون المدينة بإمكانات بسيطة، معتمدةً على الروح الشبابية لإدارة المجلس ولأغلب العاملين فيه، وعلى تصميم الأعضاء على تقديم شيءٍ لمدينة أصبحت مرتعاً للموت والدمار.

 

م. حسين الحيجي

مجلس المؤسسات

لعل أوّل ما يلفت النظر في عمل المجلس الجديد هو الهيكلية التنظيمية له، إذ يتألف من عدة مكاتب تتبع لها دوائر تشرف على عمل الورشات التابعة للمجلس، مما جعل العمل الخدمي أكثر تنظيماً ومرونة من السابق، فقد كانت المجالس السابقة تعاني من سوء التنظيم واقتصار اهتمامها على العمل الإغاثي.
وأبرز هذه المكاتب المكتب الخدمي، وهو أوسعها وأكثرها عملاً. ويتألف من خمس دوائر تهتم بشؤون شبكات المياه والصرف الصحي والكهرباء وتأمين المواد التموينية والحفاظ على المرافق العامة من السرقة والعبث. وقد يكون من أهم منجزات المجلس الحالي تمكنّه من إزالة أغلب الركام من الشوارع وتنظيفها، مما دفع بعض العائلات النازحة إلى العودة بعد تأمين أولويات الحياة في المدينة.

 

تحديات العمل داخل المدينة

أطلع المهندس حسين الحيجي «عين المدينة» على أبرز الصعوبات التي يواجهها المجلس قائلاً: «إن أكبر التحديات التي يواجهها المجلس هي غياب قبول المواطن لفكرة سلطة الدولة وعدم تمييز الناس بين النظام والدولة، وظهور مفاهيم جديدة مثل (غنيمة، آليات الكتيبة، مقر الكتيبة، وغيرها) مما حال دون تقدم المجالس المحلية في سوريا».
وأضاف الحيجي: «وهناك أيضاً مسألة الانتماءات التي أدّت إلى فرقة الصف والانقسامات العمودية والأفقية بين الداعمين ومن يمثلون المدينة في الخارج، مما انعكس بشكلٍ سلبيٍ وواضحٍ في كل مفاصل العمل».

متطلباتٌ كبيرة بإمكاناتٍ هزيلة وعمّا يملكه المجلس من إمكاناتٍ تؤمّن متطلبات العمل شكا الحيجي قائلاً: «لدى المجلس آليتان فقط؛ هما سيارة قام المجلس بتصفيحها لتأمين عبور الناس من معبر الموت سابقاً، وتريكس صغير يقوم بإزالة الركام والقمامة من شوارع المدينة. كما أن هناك نقصاً في الأيدي العاملة ذات الكفاءة والخبرة، نتيجة حالة النزوح الكبيرة، مما اضطر المجلس للاعتماد على أيدٍ عاملة ليست ذات كفاءة عالية. بالمجمل يحتاج المجلس إلى آليات هندسية متوسطة وثقيلة، ودورات نوعيّة لتدريب الأيدي العاملة في كافة المجالات، وخصوصاً الدفاع المدني. وبكل تأكيدٍ يبقى الدعم المالي المنتظم أبرز وأهم ما ينقص المجلس المحلي».

 

المجلس والمستقبل

ولأن فكرة المجلس المحلي تتمحور حول الإدارة المؤقتة للمدن والبلدات، فإن خطط عمله قصيرة ومتوسطة حسب رأي الحيجي، الذي يضيف: «نحن في المجلس المحلي في مدينة دير الزور نعمل وفق خططٍ قصيرةٍ ومتوسطة المدى. فهناك أعمالٌ لا يمكن أن تطوِّر فيها، وتحتاج إلى الإنجاز الفوري. فعلى سبيل المثال لا نستطيع وضع خططٍ طويلةٍ لإزالة الركام، فالمدينة تتعرض يومياً للقصف، ومن واجب المجلس إزالة الركام بأسرع وقت لكي لا يعيق حركة الحياة. أما الخطط المستقبلية فأهمها إعادة مفهوم الدولة لدى المواطن، وتشجيعه على الانخراط في الدولة الجديدة».
وتبقى كلمةٌ أخيرةٌ وجّهها رئيس المجلس عبر «عين المدينة» يخاطب فيها النازحين من أهل دير الزور قائلاً: «إننا والله في الداخل ليعترينا الخجل لا لشيء إلا لتأخر التحرير. لكن ليس باليد حيلة، فأمر التحرير مرهونٌ بصدق الداعمين والتزامهم بوعودهم. ونسأل الله أن يجعل الفرج قريباً».