لا يؤاخذ الشبيحة كثيراً في ردّة فعلهم الهمجية على شهادات راهبات معلولا، بُعيد إطلاق سراحهن، حول المعاملة الحسنة التي لقينها من مقاتلي جبهة النصرة خلال مدّة احتجازهن. ولا يؤاخذون كذلك على قاموس المفردات البذيئة التي استخدموها في شتم سيداتٍ كبيراتٍ في العمر والقدر ونعتهن بأسوأ الصفات. فلم يعرف القوم بعد أن في هذه الحياة آخر لا يشبههم ولا ينظر إلى العالم كما ينظرون، ولا يرى في سيدهم وولي أمرهم بشار الأسد ما يرونه فيه. ويُعذر، بلا شك، من ولد في أجواء عبادة الأسد إن نهل من مناهل نشأته في قلة الأدب والسوقية والتوحش حينما عبر عن استيائه حيال "حادثةٍ غريبة"، وهي أن يوجّه الثناء، وعلى الشاشات "الوطنية"، لغير بشار أو لغير الحذاء العسكري. إذ لطالما أتحفنا هؤلاء بالشعارات التي تشيد بفضل هذا الحذاء عليهم – كما يذكر شيوخهم المتقاعدون - أن شبعوا ولبسوا الثياب وتعرّفوا على العمران، أو "بدعس المعارضين" كما يفخر شبانهم المتعطشون إلى الدماء. فهم أوفياء لأولي النعمة عليهم، ويتعجبون كيف لا يخلص غيرهم لما يخلصون له، مفترضين أن هذا الغير قد أنكر المعروف! فعلى الراهبة بيلاجيا أن تشكر السيد الرئيس وتثني على أحذية جنوده لأنها حُرّرت في صفقة تبادل أسرى، وعليها أيضاً أن تشكر سوريا الأسد لا قطر. وكأن الراهبة بيلاجيا واحدة منهم، زوجة متطوعٍ أو أخت متطوعٍ أو أم متطوعٍ في جيش الأسد. أو أنها، ومجموعة الراهبات الأخريات، موظفاتٌ بالواسطة في واحدةٍ من مؤسسات القطاع العام ( الخاص بهم)، وحُرمن أثناء الاحتجاز من قرقعة المتة خلال الدوام أو طلي الأظافر بالطلاء الرخيص أو سماع على الديك يغني عن بقرات جدته.
ومن جانبٍ آخر، لا يؤاخذ الشبيحة على إحساسهم بالغبن والتمييز والتفرقة العنصرية التي تمارس ضدهم وللأسف – يتأسف الشبيح من كل قلبه عندما يتذكر مئات الأسرى العلويين في قبضة الثوار - تصدر هذه الممارسة من الجهة التي بذلوا في طاعتها أرواحهم وخدموها بأخلص ما تفعل قلوب الخدم. فأسراهم لا يعبأ بشأنهم أحدٌ ولا تتذكرهم الحكومة – الحكومة توريةً وتأدّباً عن نقد بشار - ولا تحاول إطلاق سراحهم كما تفعل مع الإيرانيين واللبنانيين وغيرهم. وهم على حقٍّ في هذا، فكيف لزعيمٍ طائفيٍّ مثل بشار يدّعي أنه يدافع عن مصالح طائفته، التي بذلت في سبيله الغالي والرخيص، أن يعامل أفرادها بهذه الطريقة؟ وبماذا سيجيب، كما افترض مؤيدٌ له، عن سؤال أبيه حافظ الأسد: كيف تريد ممن تعاملهم بهذه الاحتقار أن يخلصوا لك كما أخلصوا لي إلى الأبد؟ في أقصـــى التســـلية تضع صــــفحات الشبيحة زائرها، في قضية إطلاق سراح الراهبات وتصريحاتهنّ بخصوص المعاملة الحسنة التي لقينها.