حلفاء متعِبون: الطريقة التي يتبعها النظام في إعادة إدماج المليشيات الموالية

AFP

حايد حايد
11 أيلول عن موقع The Middle East Eye
ترجمة مأمون حلبي

بدون إصلاح سياسي ومؤسساتي عميق ستستمر جهود استيعاب المليشيات بإضعاف استقرار سوريا.

بعد أن منحته مكاسبه العسكرية الشعور بالثقة، بدأ النظام السوري يعيد تأكيد سلطته على المليشيات الموالية من أجل استرداد احتكار الدولة لاستخدام القوة؛ فيقال إن دمشق قد اتخذت عدداً من الإجراءات الهادفة إلى صهر المجموعات الموالية في بنية موحدة تحت قيادة الجيش السوري، ومن ثمّ فبعض المليشيات الموالية انفرط عقدها، وأُجبرت مليشيات أخرى على الانضمام إلى القوات الرديفة للنظام، لكن من المهم تقييم قدرة جهود كهذه على دعم استقرار طويل المدى في سوريا، بالإضافة إلى فهم تفاصيل الآليات التي يتبعها النظام في عملية إعادة الإدماج.

تنضوي مجموعات كثيرة تحت اسم مليشيات موالية، وهي تشمل مجموعات تمولها إيران، كقوات الدفاع الوطني، ومجموعات أسسها رجال أعمال، كمليشيا جمعية البستان التابعة لرامي مخلوف، ومجموعات تمولها منظمات دينية، كقوات الغضب المسيحية، ومليشيات أسسها حزب البعث، ومليشيات عشائرية كصقور الفرات، ومجموعات مرتبطة بالوحدات العسكرية أو الاستخباراتية، ومليشيات أجنبية كحزب الله؛ وهذه المسميات الفضفاضة ليست مغلقة أمام بعضها البعض، لأن بإمكان المقاتلين الانتماء إلى أكثر من مليشيا في نفس الوقت.

مراكز سلطة موازية

بالرغم من دوها الحاسم في إنقاذ النظام من الانهيار، فرضت المليشيات الموالية تحديات كبيرة على سلطة واستقرار الدولة، فالعدد الكبير لهذه المليشيات، وافتقادها لبنية إدارية موحدة، حَدَّ من قدرة النظام في السيطرة عليها؛ وقدرتها على العمل بشكل مستقل جعل من الممكن لهذه المليشيات أن تنخرط في نشاطات إجرامية تهدف لجمع الأموال، كالإتجار غير المشروع والخطف والتشليح والنهب، كما استطاعت هذه المليشيات أيضاً إنشاء مراكز سلطة موازية، وهذا ما أفضى إلى صراعات على السلطة وصدامات كثيرة بين المليشيات الموالية وقوات النظام.

اعتماداً على ديناميات النزاع والمنافسة على الأرض، فقد تم تطبيق تكتيكات إعادة الإدماج بشكل مدروس، لكن تبقى المعايير المستخدمة في إعطاء الأولوية لمجموعات معينة مستهدفة على مجموعات أخرى غير واضحة. مع ذلك، يبدو أن معظم المليشيات يجري حلها لرفضها الانتشار في منطقة أخرى، أو التنافس مع مجموعات تحظى بنفوذ أكبر، أو الانخراط في نشاطات إجرامية؛ ويبدو أن مساعِ كهذه تتم في مناطق تم تأمينها، وهذا ما يجعل وجود المجموعات المسلحة أمراً زائداً عن الحاجة؛ فمثلاً، كثيرٌ من المليشيات الموالية في أحياء برزة وعش الورور وضاحية الأسد شمال دمشق تم حلها، خصوصاً تلك المليشيات المرتبطة بقوات الدفاع الوطني أو كتائب البعث، وبشكل مشابه، يبدو أن النظام يقوم بحل القسم الأكبر من مليشياته في محافظة حماة بعد انخفاض حدة القتال هناك.

حالما يُتخذ قرار بحل مليشيا ما، يعامل أفرادها وفقا لوضعيتهم القانونية: أولئك المهيئين للخدمة العسكرية ولم يقوموا بتأدية الخدمة الإلزامية مطلوب منهم الانضمام للجيش، وهم يُعطَون من بضعة أسابيع إلى بضعة شهور للالتحاق بشعبة التجنيد المحلية التي يتبعون لها.

القوات الرديفة

في بعض الحالات، طلب النظام من المليشيات الموالية إرسال العناصر المهيئين للخدمة الإلزامية دون الطلب من البقية أن ينحلوا، وبذات الطريقة، طُلب من المستخدَمين الحكوميين المنضمين للمليشيات الموالية العودة إلى أعمالهم الاعتيادية وإلا سيواجهون الفصل من العمل. أما بالنسبة للأفراد المدنيين، فإنهم يُرغمون إما على العودة إلى الحياة المدنية أو الانضمام للقوات الرديفة، ومن أجل استيعاب عشرات الآلاف من المقاتلين الموالين في القوات المسلحة النظامية، أنشأ النظام بنى عسكرية تعتمد مبدأ التطوع، مثل الفيلق الرابع اقتحام.

وتقول مصادر محلية: إن هذه التجربة لم تكن ناجحة، لأن عدداً قليلاً من المليشيات انضم لهذه التشكيلات -تحديداً في مناطق حماة واللاذقية- بينما استمرت باقي المليشيات بالعمل بشكل مستقل، وللتغلب على هذا الفشل، أخذت روسيا قصب السبق عندما أنشأت الفيلق الخامس اقتحام في تشرين الثاني 2016، محققة نجاحاً جزئياً في زيادة نفوذ النظام على أولئك الجنود، الذين يتراوح عددهم بين 10.000 و 15.000.

عقد النظام أيضاً اتفاقاً مع إيران لجلب عدد كبير من مليشياتها العاملة تحت مظلة قوات الدفاع المحلي إلى صفوف القوات المسلحة الاحتياطية للنظام، إضافة إلى ذلك، يقوم النظام بإلحاق بعض المليشيات بفروعه الأمنية أو وحداته المسلحة، فكل المليشيات في الهامة وقدسيا، مثلاً، طُلب منها الانضمام إلى اللواء 101 حرس جمهوري.

كثيرٌ من المليشيات المستهدفة تم استيعابها على مستوى الوحدة، عوضاً عن أن يتم ذلك على مستوى الفرد، وهذا الأمر فشل في تحويل ولاء المليشيات من الداعمين إلى الدولة، لذلك فإن جهود إعادة الإدماج تقاد بدرجة كبيرة من قبل الدول الأجنبية، وتحديداً إيران وروسيا، اللتين ستواصلان زعزعة استقرار سوريا بتحويل قواتها المسلحة إلى حقل آخر من حقول المنافسة.