هادئاً ووحيداً، دون مرافقته ونائبته وتابعته –الوحيدة- منى غانم، ظهر لؤي حسين قبل أيامٍ في فندقٍ في مدينة أورفا التركية. لم يتوقع الرجل أن مجرّد ظهوره هذا سيعتبر وقاحةً في حقّ نشطاء من دير الزور كانوا صدفةً في المكان ذاته. ولم يتوقع أيضاً أن مجرّد لقائه بنشطاء آخرين من الرقة والحسكة ودير الزور سيجلب لهم المتاعب. ليتحوّل بعضهم، نتيجة غضب الرأي العام للنشطاء في أورفا، من موقف الدفاع عن حقّ المرء في لقاء أيّ شخصٍ كان إلى موقف التنصّل من اللقاء ذاته. لكن التنصّل لم يخفّف إلا قليلاً من التهجّم عليهم باعتبارهم قد جالسوا مخبراً، بحسب رأي البعض على صفحات الفيسبوك، وشبيحاً حسب صفحاتٍ أخرى. وظهرت كتاباتٌ قاسية اللهجة من نوع: "أضافوا إلى معرّة لقائهم خفيةً بنازع علم الثورة، الشبّيح لؤي حسين، معرّةً أشنع، من خلال تنصّلهم من اللقاء الفضيحة وأخذهم موقع المتفرّج، وربما حتى المشارك في رمي فريقٍ آخر بتهمة الاجتماع بالتافه سابق الذكر". وكتب شخصٌ آخر مذكّراً بواقعة إبعاد العلم: "نسيتو لؤي الحسين لمّا رفض يوقف وعلم الثورة وراه؟ بدال ما تشحطونو بأورفا رايحين تلتقون بيه؟! شنو دينكم أنتم!!!".
يصعب على حسين أن يستوعب الخانة التي وضع نفسه فيها نتيجة تصرّفاته الحمقاء، وهي الكلمة الأكثر لطفاً في وصف سلسلة الأفعال والأقوال الصادرة عنه منذ خروجه الملتبس من سوريا. ويصعب عليه أيضاً أن يستوعب أن مجرّد وجوده الفيزيائيّ في أيّ فراغٍ كان سيكون تهمةً لكلّ ناشطٍ كان صدفةً في الفراغ ذاته، وعليه التبرؤ منها. ولا شك أن قليلاً من الحزن سيعتصر قلب السياسيّ المنشغل بالعثور على مخرجٍ "للأزمة السورية" بعد كلّ ماء الوجه الذي أريق، رغم مواساته لنفسه بالتحسّر على انهيار القانون والسلطة والمخابرات بطبيعة الحال.