هاني شمعـــون | بيروت
من قائل يقول.. لدخول حزب الله في معركة القصير إيجابية كبيرة!
ـ ولكن ما الإيجابي؟
يرد آخر: "بيّن على حقيقته".
وهو ما كان... فأكثر ما تردد في الشوارع السورية وعلى صفحات الإنترنت وفي القنوات الإعلامية، هو الانتقاد لادعاء المقاومة. والحزب الذي اختصر في سنوات سابقة كلمة "المقاومة" بات اليوم يوصف بـ"مجرم القصير". أما "ما بعد حيفا" التي رددها أمين عام الحزب "حسن نصر الله" فقد باتت ما بعد القصير.
ولم يعد الجهاد على جبهات الجنوب بل في الداخل السوري وضد مواطنين سوريين لمنعهم من إسقاط نظامهم!
وبدعوى الحفاظ على مواطنين لبنانيين ومراقد مقدسة لديه.. بل بات إسقاط القصير هو هدف الحزب الذي بحّت أصوات أهالي هذه المدينة وسواها في سورية بالهتاف له ضد العدو الإسرائيلي عام 2000 وعام 2006. بسرعة كبيرة استطاع "حسن نصر الله" تحويل أرض الصراع إلى الثورة السورية، والعدو إلى الشوارع المطالبة بالحرية، ليختصر سورية التي وقفت معه في مرحلة من المراحل بنظامها، ويرى شعبها عدواً لبنية حزبه.
وحوّل "حسن نصر الله" ضاحية بيروت الجنوبية وقرى الجنوب اللبناني إلى تلك القرى التي تنتظر أخبار أبنائها في "جبهات الجهاد".. جهاد من نوع آخر، لم يمنع الكثيرين منهم من استقبال جثامين أبنائهم وهم ليسوا متأكدين أن تلك المهمة التي قتلوا فيها هي مهمة جهادية حقيقية... ولكن الحزب منح الصفة الجهادية الواضحة لاشتراكه في معركة القصير، فقدّم القتلى فيها على أنهم "شهداء الجهاد". في تصريح لجريدة الرأي الكويتية يقول أحد مسؤولي حزب الله: "المعركة في القصير، وعلى عكس ما يظنّه البعض، غير مكلفة مهما ارتفعت كلفتها أو سقط شهداء، فنحن هناك نخوض هجوماً دفاعياً عن مناطقنا في لبنان".
بينما لم يكشف عن هؤلاء الأعداء ومتى رفعوا سلاحهم ضد البلد الجار، وهل كان لأهالي القصير عداء ما مع الحزب في يوم من الأيام. تؤكد أنباء من أوساط مقربة من الحزب أن أعداد المشاركين فاقت ما قيل بأضعاف، فقوات النخبة المؤلفة من "2000" مقاتل لم تكن وحدها المشاركة.
كما أن ما قيل عن أن العملية كانت صعبة جداً لأن عدد المقاتيلن المدافعين في القصير فاق 7 آلاف لم يكن موثوقاً أيضاً، حسب مصادر الجيش السوري الحر.
إلا أن مختلف التبريرات تصدر على لسان الحزب تفادياً لانتقاد الهزيمة الأولى. أما الأنفاق التي شكلت مدينة كاملة تحت القصير حسب قول متحدثي حزب الله، الذين باتوا يرسمون الصور الخيالية والروايات التي احترف النظام السوري السقوط بغبائها، من السيارات الإسرائيلية إلى الأسلحة الغريبة والأنفاق الهائلة، فما هي إلا خنادق وممرات صغيرة يصعب على مقاتلي حزب الله متابعتها لكثرة الكمائن التي تعرضوا لها والتي أودت بحياة أكثر من مئتين منهم، فيما لم يصرح الحزب إلا بأسماء حوالي 75 قتيلاً. وبينما فتح الحزب باب العداء بالقول إن هذه "المعركة أهم من معركة الحزب مع إسرائيل"، لم يرفع الجيش الحر سلاحه في وجه حزب الله إلا بعد أن بات الحزب جزءاً من نظام الأسد وقاتل جنباً إلى جنب مع الجيش السوري النظامي. ولم تختلف ممارسات الحزب وفضائحه في محيط القصير عما ارتكبه النظام خلال سنوات، بل استطاع خلال أيام ارتكاب رقم قياسي من تجاوزات الحروب، من قتل الأطفال إلى الجلد والشتم الطائفيين اللذين اعتادهما النظام خاصة في مناطق التماس المذهبي، أمام ضحية تدفع عن نفسها الجريمة. وسواء استطاع حزب الله الانتصار على مقاتلي القصير بسبب تفوق النظام في الأسلحة الثقيلة، أو لم يتمكن من ذلك بفعل بسالة وإصرار هؤلاء المقاتلين، فإن تدخله هناك هو المسمار الأول في نعش رمزيته وقيمته المعنوية والعسكرية.