برفع أسعار السماد .. الإدارة الذاتية تلحق خسائر جديدة بالفلاحين

شبكة آسو الأخبارية

أصدرت "شركة تطوير المجتمع الزراعي" التابعة ل"الادارة الذاتية" مؤخراً قراراً برفع سعر طن السماد الآزوتي من 490 دولاراً إلى 650 دولاراً أمريكياً، وسماد اليوريا من 350 دولاراً إلى 650 دولارا. بهذا القرار تتجاهل "الإدارة" الأزمة المستمرة في القطاع الزراعي، وتضيف تحدياً جديداً من التحديات الكثيرة والكبيرة التي تواجه العاملين في هذا القطاع.

وفق الحد الأدنى وبالاستغناء عن سماد اليوريا، يتطلب الهكتار الواحد من الأرض المزروعة بالقمح 100 كيلو غرام من السماد الآزوتي، بقيمة 65 دولار حسب السعر الجديد. يضاف إليها 120 دولاراً تكلفة بذار للهكتار الواحد، وبسعر 40 سنتاً لكل كيلو غرام من البذار ومعدل 300 كغ لكل هكتار.

وبإضافة تكاليف كل من الحراثة والأدوية والنقل، التي تبلغ 140 دولاراً تقريباً، تصبح التكلفة الإجمالية لزراعة هكتار واحد بالقمح 325 دولار. ومقابل هذه التكاليف تقدر أرباح الهكتار ب 100 دولار تقريباً في حال أنتج  1.5 طن وفق أعلى متوسط إنتاج خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وبسعر 428 دولاراً تقريباً لطن القمح وفق ما اشترت الإدارة الذاتية من الفلاحين في الموسم الأخير.

تثبت هذه الحسابات الأولية التي تتجاهل تكاليف قوة عمل الفلاح أو المزارع أن العمل الزراعي أصبح من غير مردود مجز، واضطراري بالنسبة إلى أغلبية الفلاحين والمزارعين في ظل غياب فرص عمل أخرى.

في تسعينيات القرن الماضي وصل إنتاج سوريا من القمح إلى 4 مليون طن سنوياً، جاء معظمها من مناطق الجزيرة والفرات الواقعة اليوم تحت سلطة الإدارة الذاتية. وبسبب انحباس الأمطار خلال العقدين الأخيرين، ثم الإدارة الفاشلة للمسألة الزراعية، تناقص هذا الإنتاج إلى أقل من النصف.

يقول يوسف وهو مزارع من منطقة المالكية (ديريك) شمال شرق الحسكة، أن "قرار الإدارة برفع سعر السماد، راح يخلي كثير ناس تبطل تحط سماد" ما ينقص الإنتاج إلى حد كبير. ويفسر يوسف الذي يملك 20 هكتاراً تقريباً أسباب فشل أو تعثر التدخل الدولي الإنساني من خلال المنظمات في المسألة الزراعية بمنطقة الجزيرة، بظاهرة الفساد المتفشية في أوساط مسؤولي الإدارة وفي مقدمتهم مديرو "شركة تطوير المجتمع الزراعي".

فبحسب يوسف ومزارعين آخرين من محافظة الحسكة، وزعت هذه الشركة بذاراً قدمتها وكالة التنمية الأمريكية مجاناً- على محاسيبها من أقرباء وأصدقاء وشركاء مديريها، وتركت لعموم المزارعين بذاراً بمواصفات رديئة جداً، ويؤكد أن كميات من البذار المجاني الذي قدمته المنظمة الأمريكية ظهر للبيع في الأسواق وبأسعار مرتفعة.

في سقاية الأرض اعتمد مزارعو الجزيرة على الأمطار، لكن سنوات الجفاف المتلاحقة دفعت بعضهم إلى حفر الآبار التي كانت تساعد إلى حد ما في تعويض الفاقد من انحباس المطر. لم يعد السقي الجزئي من خلال الآبار ممكناً بسبب الارتفاع المتلاحق بسعر مادة المازوت اللازم لتشغيل المحركات.

يقول سليمان وهو مزارع من منطقة القحطانية شمال الحسكة، أنه توقف عن تشغيل البئر التي حفرها في أرضه بسبب ارتفاع سعر المازوت، ويؤكد أن جميع المطالب التي تقدم بها مزارعو المنطقة خلال لقاءاتهم بمسؤولي "الإدارة الذاتية" لتخفيض سعر المازوت أو الحد من التلاعب في عملية توزيعه بأسعار مخفضة على المزارعين، لم تنفذ ولم يتحقق أي من الوعود التي أطلقها مسؤولو "الإدارة" بهذا الخصوص.

ويشير سليمان أن التوقف عن تشغيل الآبار لوقت طويل يلحق أضراراً كبيرة بها، وقد يتسبب في بعض الحالات بخروجها عن الخدمة، ما يضيف خسارة جديدة إلى خسارات المزارعين في منطقة الجزيرة.

في الموسم الأخير صدرّت "شركة التطوير الزراعي" الجزء الأكبر من محاصيل الحبوب التي اشترتها من الفلاحين، عبر وسطاء إلى كل من النظام وحكومة إقليم شمال العراق؛ بهذا التصدير حققت الشركة أرباحاً كبيرة نتيجة الفرق الكبير بين سعر شراء الكيلو غرام الواحد من المزارع (40 سنتاً تقريباً) وسعر التصدير الذي يبلغ 1 دولار وفق أدنى التقديرات.

بهذا الأسلوب الذي تدير به سلطة الأمر الواقع شمال شرق سوريا القطاع الزراعي، تثبت أنها تسلك سلوك التاجر أو السمسار الذي يحتكر السوق مكرهاً الفلاحين على التعامل معه وحده، ومن دون أي مراعاة لمصالحهم أو مصالح عامة السكان في منطقة تعد الزراعة عماد اقتصادها المحلي.