يشهد ريف حلب الشماليّ تراجعاً يوميّاً لقوّات النظام السوريّ المدعومة بميليشيا حزب الله اللبنانيّ والميليشيات الإيرانية، في مؤشراتٍ باتت واضحةً لفشل خطّة النظام في قطع خطوط الإمداد عن فصائل المعارضة المقاتلة في حلب وريفها، خصوصاً بعد خسارة النظام أكبر مواقع تمركزٍ له في الشمال. فالمعارك التي شنّها على قرى الريف الشماليّ، والتي حققت له سيطرةً سريعةً على بعضها، لم تكتمل نتائجها مع تقدّم الثوّار في المنطقة واستعادة كافة القرى التي تقدّم النظام فيها، مخلفاً مجازر بحقّ المدنيين، كمجزرة رتيان التي قتل فيها 48 شخصاً بينهم نساء وأطفال، أغلبهم ذبحوا بالسكاكين. وفيما سوى ذلك فشل هجوم النظام فشلاً ذريعاً، وخاصّةً في هدفه بفكّ الحصار عن بلدتي نبّل والزهراء المواليتين بأكثرية سكانهما. وبعد استعادة رتيان، تقدّم الثوار في مزارع الملاح وصولاً إلى باشكوي حيث تجري المعارك في محيطها حالياً، مع حصارٍ يفرضه الثوّار على عدّة مواقع لقوّات الأسد.
وأدّت هذه المعارك إلى مصرع حوالي 140 مقاتلاً من ميليشيات النظام والقوى المقاتلة إلى جانبه، حتى الآن، إضافةً إلى استشهاد 100 مقاتلٍ من فصائل الثوّار المختلفة، ووقع العشرات من جنود الأسد وأعضاء الميليشيات المتحالفة معه في قبضة الثوّار. ولوحظ أن معظم هؤلاء الأسرى هم من أبناء المدينة المجنّدين إجبارياً في صفوف الجيش الأسديّ.
درعا معارك كرٍّ وفرّ
بقيادةٍ شبه معلنةٍ من فيلق القدس الذي يتزعّمه الجنرال قاسم سليماني، تقدّمت الميليشيات الإيرانية، وإلى جانبها ميليشيا حزب الله اللبنانيّ وفصائل من الجيش الأسديّ، في ريف درعا الشماليّ، بعد سقوط المئات منهم بين قتيلٍ وجريح، في ظلّ اعتماد فصائل الثوّار لأسلوب الكرّ والفرّ في تلك المعارك، وتنفيذ عملياتٍ خاطفةٍ وكمائن للقوافل العسكرية الأسدية على الطرقات، في محاولةٍ لامتصاص الهجمة العسكرية الكبيرة.
وركّزت القوات الإيرانية في معاركها جنوباً على مثلثٍ عسكريٍّ أمنيٍّ تهدف إلى إتمام السيطرة عليه، يتألف من المناطق الجنوبية من ريف دمشق الغربيّ، وطريق دمشق–القنيطرة، وأجزاء من ريف درعا الشماليّ، لتكون نقاط تمركزٍ لهجماتٍ على مناطق أكثر عمقاً في درعا. وركّزت هذه القوّات قصفها على بلدة الحراك ومحيطها، فيما لا تزال البلدة تحت سيطرة الثوّار، ولكن محيطها يشهد معارك متقطّعةً منعت القوّات المهاجمة من التقدّم.
وأوضحت مصادر عسكريةٌ معارضةٌ في المنطقة أن عدد قوّات النظام في المعركة قليلٌ مقارنةً بالميليشيات الأجنبية، إذ يقاتل جنديٌّ أسديٌّ واحدٌ إلى جانب خمسة مقاتلين أجانب، من لبنانيين وإيرانيين وأفغان. وتؤكّد هذه المصادر أن قائد لواء "فاطميون" الأفغانيّ، علي رضا توسّلي، قتل أثناء المعارك شمال حوران، ونعته وسائل إعلامٍ إيرانيةٌ، لأن إيران تحتضن ذلك اللواء المكوّن من مرتزقةٍ أفغان يقوم الحرس الثوريّ برعايتهم وتجهيزهم.
اللاذقية من جديد
نفّذت فصائل الثوّار المقاتلة في جبلي التركمان والأكراد بريف اللاذقية الشماليّ عملياتٍ عسكريةً متتالية، استهدفت مواقع قوّات النظام وميليشيا الدفاع الوطنيّ في القرى الشمالية للمحافظة مثل سنجوان، إضافةً إلى استهداف مراصد النظام في المنطقة، وإطلاق قذائف على مدينة القرداحة مسقط رأس آل الأسد، التي شهدت تفجيراً بالقرب من مشفاها الوطنيّ أدّى إلى مقتل خمسة أشخاص. فيما أكّدت مصادر معارضةٌ أن عمليات الساحل أدّت إلى مقتل ضباطٍ في الجيش الأسديّ.
داعش تتقدم في الحسكة وتتراجع
اشتدّت المعارك في ريف الحسكة الشماليّ بعد تقدّم تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، واقتحامه لعدّة قرىً تقطنها أغلبيةٌ آشوريةٌ مسيحية، قام التنظيم بأسر المئات منها وتهجير الباقين. فيما ردّت المجموعات الكردية المعروفة بـpyd بقصف مناطق تل حميس وتل براك التي تقدّم فيها التنظيم، ثم مهاجمتها بالتوازي مع تغطيةٍ جوّيةٍ من طائرات التحالف الدوليّ، ما أدّى إلى سيطرة المقاتلين الأكراد على بعض القرى، واستئناف محاولاتهم التقدّم جنوباً في الأراضي الخاضعة لداعش.