بات معتاداً ورود خبر وفاة شاب أو شابة أو طفل في مدن وقرى الساحل السوري لأسباب مختلفة، بما يوفره الساحل اليوم من أسباب للموت المجاني، في ظل غياب الرقابة على مجمل المؤسسات، وانتشار السلاح العشوائي، وتركُّز السلطة في يد الميليشيات.

الغرق

شاع في الفترة الأخيرة ورود خبر وفاة شبان غرقاً في البحر، نتيجة غياب كوادر الإنقاذ عن غالبية متنزهات الاصطياف، وعدم وجود قوانين ضابطة للسباحة في المحافظة، فقبل أيام توفيت الشابة مرح جمعة غرقاً في شاطئ الأحلام في اللاذقية، بعد أن واجهت وصديقاتها خطر الغرق رغم عدم ابتعادهن لمسافة كبيرة عن الشاطئ، إلا أن حالة البحر أدت إلى وفاة الشابة، وإنقاذ صديقتيها، وهي حادثة كانت قد حصلت عدة مرات خلال الصيف الحالي، دون قيام الجهات المختصة بالسياحة بأي سلوك لمواجهة خطر الغرق، في المنطقة التي يقصدها حالياً المئات يومياً للسباحة في ظل ارتفاع درجات الحرارة.

الدهس

بات لسلسلة دهس المارة حلقات يومية في اللاذقية، نتيجة عدم الالتزام بقوانين المرور من قبل السائقين من جهة، وانتشار ظاهرة سياقة السيارات من قبل غير مؤهلين، خاصة وأن قادة الميليشيات والأسر المتنفذة توزع سيارات على أفرادها، بعضهم ليسوا أصلاً في السن المناسبة للسياقة.

قبل أيام دهست سيارة الطفل تيم عثمان في منطقة الأزهري في اللاذقية، دون أن يتم التعرف على سائق السيارة الذي كان يقود بسرعة جنونية، وما زال الطفل حتى تاريخه في حالة حرجة، بسبب إصاباته البليغة في ظل العجز عن تقديم مساعدة طبية يمكن أن ينجو بها الطفل.

حادثة مشابهة سبقت دهس الطفل، توفي ضحيتها الشاب في مدينة اللاذقية، دون التعرف كذلك على سائق السيارة حتى الآن.

انفجارات سوء الاستخدام

يعد هذا السبب الأكثر شيوعاً في قرى الساحل السوري، نتيجة انتشار السلاح عشوائياً لدى الكثيرين، ولدى فئات عمرية غير مؤهلة لحمل السلاح، بل ولدى أشخاص لا يتقنون التعامل مع الأسلحة الخطرة كالقنابل. فقبل أيام انفجرت قنبلة يدوية في منطقة الدريكيش أدت إلى مقتل حاملها، وجرح أحد أفراد أسرته، في حادثة تتكرر كثيراً خاصة مع ترك مقاتلين في جيش أو ميليشيات النظام مجموعات من أسلحتهم في المنازل، ليقوم أطفال بالعبث بها أحياناً، وهو ما تسبب بحوادث لا يتم الإعلان عن تفاصيلها غالباً.

الانتحار

لم تمر على الساحل السوري تاريخياً فترة شهدت حالات انتحار كالفترة الحالية، ففي بعض الأحيان يسجل في اليوم ذاته أكثر من حالة، تعود لأسباب كثيرة أهمها الضغط الدراسي قبل امتحانات الشهادة الثانوية، حيث شهدت طرطوس قبل هذه الامتحانات عدة حالات انتحار، جاء ثلاث منها خلال يومين متتالين، فيما كثرت حالات الانتحار بسبب العوز، وفقدان الأسر لمعيليها نتيجة الموت في جبهات القتال؛ مؤخراً قتلت سيدة نفسها في مدينة طرطوس بعد مقتل زوجها وتعرضها إثر ذلك لحالة من الفقر الشديد، في حادثة تكررت قبل ذلك في عدة مناطق من ريف الساحل، فيما يمر الكثير من حالات الانتحار الأخرى دون الإفصاح عن السبب.

عدي اليوسف، ممرض في المشفى الوطني في طرطوس، أوضح لعين المدينة أن حوادث الوفاة لأسباب جديدة لم تعتد عليها المستشفى سابقاً بات أمراً يومياً، من الانفجارات مجهولة التفاصيل، إلى الغرق، إلى مواجهة حيوانات مفترسة، والانتحار، وحوادث السير المتكاثرة، "باتت طرطوس معملاً للموت اليومي، والكوارث، بعيداً عن جبهات القتال التي ترسل القتلى يومياً إلى المحافظة".

الفلتان الأمني -وفق المصدر- هو المتسبب الرئيسي بما يشهده الساحل من حوادث، إضافة إلى اليأس الذي يقرنه الممرض بحوادث الانتحار المتكاثرة التي تشهدها مناطق الساحل السوري ككل، لأسباب متعددة منها رفض الالتحاق بالجيش، أو ضغوط الحياة والفقر الذي يجتاح البلاد