المشهد السوري... والغرب المراقب بعين جمهور سينما
خلافٌ أمريكي داخلي.. وتمادٍ روسي..
وفوضى في نشاط الائتلاف
تقوم أمريكا "بتقديم الدعم لائتلاف المعارضة السورية والمجلس العسكري الأعلى لتعزيز المعارضة".. كانت هذه الجملة آخر تصريحات الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" منذ أيام قليلة، وهي الجملة التي تختصر مجمل كلماته منذ أكثر من عام فيما يتعلق بسورية. ففي قمة الثماني، ومختلف المؤتمرات الصحفية التي عقدها خلالها أو بعدها، لم تخرج تصريحاته عن مضمون الدعم، الذي أحياناً ما يتمرّد فيه على الصوت الآخر في القيادة الأمريكية بالقول: سنتجه إلى التسليح، ويعود أحياناً أخرى إلى حالة الوفاق مع الكونجرس، الشهير بتخوّفه من وصول الأسلحة إلى جماعات جهادية في سورية.
وأمام فتور الموقف الأمريكي، الذي تصفه مختلف ديبلوماسيات العالم بأنه الأقدر على حسم الصراع السوري، كونه "يعيد خلط الأوراق من جديد وبإمكانه تعديل مواقف الدول المؤيدة للنظام السوري، وسحب الملف من أيدي دول عربية وتسليم دول أخرى"... يقف الائتلاف محاولاً تحقيق مسافاتٍ متساويةٍ مع مختلف الأطراف، خاصة فيما يتعلق بالداخل السوري، نافياً ـ لنفسه على الأقل ـ قضية نبذه ككتلةٍ سياسيةٍ ممثلةٍ للمعارضة، فيحاول من جديد اكتساب ثقة أو حتى عواطف الناس من خلال مجموعة بياناتٍ وتصرفاتٍ صدرت عنه خلال الفترة السابقة، خاصة في محاولته حل معضلة معبر "بستان القصر" وفك الحصار عن المناطق التي ما زال النظام مسيطراً عليها في حلب، وحلّ المسائل الخلافية بين التنظيمات المسلحة على الأرض، لا سيّما بعد بروز بوادر الصراع في المناطق المحرّرة، بعد مجموعةٍ من الأعمال التي قامت بها مجموعاتٌ مسلحة تنتمي إلى ما يسمّى "دولة الإسلام في الشام والعراق". إلا أن موقف الائتلاف برئيسه الجديد "أحمد الجربا" ما زال يحقق تراجعاً يومياً من جهة القبول الشعبي حتى الآن. وهو ما يجعل القيادة الجديدة له تبحث عن بواباتٍ أخرى تفتحها لتعيد بناء علاقةٍ جديدةٍ مع الداخل، وهو ما يبدو من خلال التقرّب من القيادات العسكرية بصورة أكبر مما كانت عليه من قبل، ومحاولة حل مشكلات اللاجئين في مصر بعد التضييق عليهم من قبل القيادة الجديدة هناك، وملاحقة تفاصيل العمل العسكري الميداني بالتنسيق مع قادة أركان الجيش الحر.
وأمام ضعف بنيوي في عمل الائتلاف، يتجه رئيسه إلى فرنسا بدعوة من وزير خارجيتها لوران فابيوس، الأحرص أوروبياً على مسألة تماسك الائتلاف وتطوير مهماته، والأكثر إيماناً بأنه لن يكون هناك انتصارٌ عسكريٌ، ويجب الاتجاه نحو طاولة مفاوضات تبدأ بعد إقامة حالة توازنٍ عسكريٍ على الأرض.
روسيا والتمادي الجديد...
أمام الخلاف الأمريكي تجاه القضية السورية، وبرود مختلف مصادر الدعم السياسي والعسكري المحيط بالمعارضة، تعزّز روسيا من موقفها مع النظام، وتنشر أن لديها تقريراً يدلّ على أن المعارضة المسلحة في سورية هي التي استخدمت الأسلحة الكيماوية في خان العسل بحلب. وهو ما جعل مختلف الدول الأخرى تصرّ على نشر بعثة تقصي الحقائق التي عينتها الأمم المتحدة... فإن كان النظام هو ضحية السلاح الكيماوي فما الداعي لعرقلة البعثة إذاً؟... البعثة التي تنتظر في فترةٍ قريبةٍ قادمةٍ مجموعةً من الشكوك والاتهامات من قبل القيادة السورية مدعومة بالموقف الروسي، بهدف كسب الوقت من جهة، والتدخل فيها بما يضمن على الأقل عدم الوصول إلى نتائج، من جهةٍ أخرى.
وعززت روسيا من موقفها الداعم أيضاً بالوقوف ضد تقرير كان من المعتزم إصداره في الأمم المتحدة بعد اجتماع مجموعة مندوبي دول عربية مع مندوبة أمريكا لفرض عقوبات جديدة على إيران، بتهمة إرسال أسلحة متطورة إلى أيدي قوات سورية ولبنانية لذبح الشعب السوري بها.
بينما لم تنف روسيا توجيه إسرائيل ضربة للنظام السوري في اللاذقية، الأمر الذي ما زال طي الكتمان بالنسبة للنظام الذي يلتزم وإسرائيل عدم التصريح عن الهدف من الضربة.. كون النظام تعرض لضربة سابقة في دمشق لم يرد عليها وكون الضربة استهدفت ما قد يضر بمسألة تسليحه من روسيا.