المركز السوري لمكافحة الفكر المتطرف في مارع

المركز بعدسة الكاتب

يدير سوريون غالبيتهم من بلدة مارع  شمال حلب المركز، ويقومون عليه بتعاطف وحب واضح، بينما كان من المتوقع انتقاماََ أعمى من الأهالي والفصائل العاملة في البلدة ضد عناصر تنظيم الدولة الإسلامية، بسبب إصرار الأخير على اقتحام مارع، وممارساته العنفية في الحرب لتنفيذ ذلك. كان رد «المارعيين» مركزاََ سلمياَ يعبر عن مارع، التي لم يحكمها في الثورة إلا أهلها، يقول أحد المحاضرين في المركز.

يقول مدير المركز حسين ناصر: «عدد الكادر 25 موظفا، بينهم سبعة محاضرين، وعمال وعناصر للحراسة؛ يبدو الأخيرون يقظين رغم العلاقات الطيبة التي تجمعهم بالنزلاء، وبحسب أحدهم فإنهم يتجنبون الدخول إلى غرف النزلاء بأسلحة مذخرة. يسمح لأهالي النزلاء زيارتهم لمدة ساعة في يوم الجمعة، مع وجود استثناءات في حال وصول أهل النزيل في يوم آخر. «يقدم المركز ثلاث وجبات طعام يوميا ل 100 نزيل، ويلبي بعض الطلبات الخاصة لهم» كما يفيد المدير. ويضيف أن «الكادر الإداري يعمل حتى الآن بشكل تطوعي» ويطمح أفراد الكادر لتجاوز المشاكل التي يواجهونها في الأيام القادمة، كالتواصل مع الأجانب المهاجرين المقيمين في المركز، وتقف الترجمة عقبة أمام ذلك. 

يشرح إبراهيم، وهو محاضر في المركز، عن آلية عمله بأن «مدة الإقامة تتراوح من شهر حتى ستة أشهر، يتم خلال هذه المدة تقييم تحسن النزيل من عدمه، ويحول إثرها إلى القضاء. على أن المدة قابلة للتجديد في حال عدم ملاحظة أي تحسن على النزيل، كما أنها قد تنتهي بعد شهر في حال ملاحظة تحسنه» كما يقول. ويتابع «مدة الإقامة هي برنامج إصلاحي تحسب من المدة الزمنية للعقوبة التي يقرها القضاء، والبرنامج يقدم محاضرات من قبل مختصين في مواضيع مختلفة، فهناك محاضرات في العلم الشرعي، محاضرات في الإرشاد النفسي، ومحاضرات قانونية» ويستدرك أنهم لا يستطيعون التقيد ببرنامج صارم، «فالأسلوب المتبع للتعامل مع النزلاء يعتمد على العاطفة، ويحاول الابتعاد عن أسلوب الأستاذ والطالب، أو أسلوب السجين و السجان».

ويرى المحامي إبراهيم أن «معرفة الشيء أقصر طريق لمحاربته، فالسوريون الذين انغمسوا في التنظيم جاء انغماسهم نتيجة الجغرافيا، فهم لا يشكلون خطرا، هؤلاء أسميهم (محترفون) وليسوا مرتزقة، رغم أن العوز دفع أكثرهم إلى بيعة التنظيم، أو العمل معه، أما من بذلوا جهدا للوصول إلى التنظيم فهم عقائديون، وهؤلاء هم الأخطر»

 بناء المركز أساسا مدرسة في بلدة مارع، جهزت لتحوي مائة نزيل حتى الآن، لأن «القدرة الاستيعابية ضعيفة» كما يفيد المدير حسين ناصر، ويقسمهم العاملون على المركز إلى قسمين، في الأول 75 نزيلا مازال المركز متحفظا على أوضاعهم، بسبب الشكوك التي تحوم حولهم. ويحوي القسم الثاني 25 نزيلا يتوزعون في ثلاثة مستويات، يعتمد القائمون على المركز في توزيعهم على عدة أمور، كالجرائم التي قام بها النزيل، أو إذا ما كان قد سلم نفسه أو أُسر، أو أمسك به على أحد الحواجز.

 نزلاء المستوى الأول هم عناصر في التنظيم، لكنهم من غير المقاتلين، بل اقتصرت أدوارهم على الأعمال الإدارية في دواوين كالخدمات والصحة، وربما يحوي مقاتلين سلموا أنفسهم بعد التنسيق مع إحدى الفصائل. أما المستوى الثاني ففيه مقاتلون سوريون تم أسرهم من خلال المعارك، أو ألقي القبض عليهم على أحد الحواجز في مناطق سيطرة فصائل الجيش الحر. وفي المستوى الثالث يقطن المهاجرون، وهناك في هذا المستوى سبعة أجانب من جنسيات مختلفة (تونس، العراق، أوكرانيا، كازاخستان) ولا يراعى في هذا المستوى تسليم النزيل لنفسه من عدمه. 

يقول أحد النزلاء «إن الوضع تحسن إلى نسبة 70 % مقارنة بالسجن الذي أتيت منه، من ناحية الأكل والخدمات ككل، إضافة إلى تراجع الخوف» ويضيف آخر «أكثر ما استفدت منه في المركز هو الدروس الشرعية، وتوضيح أمور دينية كنا مغيبين عنها» أما أبو مريم الأوكراني فيقول بلغته المكسرة «أكثر ما استفدت منه في المركز، والسجن سابقا، هو أني تعلمت اللغة العربية»

 النزيل الأصغر سنا لم يتجاوز عامه الرابع عشر، يقول: «إنني معتقل منذ 8 أشهر، نقلت إلى المركز مع افتتاحه منذ 23 يوما. بايعت داعش منذ سنة ونصف تقريبا، بعد أن هربت من أهلي. الآن في المركز الوضع تحسن بشكل كبير لكني أرغب بأن أنال حريتي»

جميع من تكلم في المستويات الثلاثة وصف تنظيم (الدولة الإسلامية) بداعش، بالرغم من تقصد الكادر استعمال كلمة (الدولة الإسلامية) أمامهم، ويسرف جميع النزلاء في التدخين! فهل نجح المركز بتحويلهم إلى (أناس طبيعيين)، أم أنهم يحاولون تملق الكادر للإفراج عنهم؟