عدسة محمود | القورية
بعد خروج عصابات الأسد من القوريّة الثائرة، أصبحت المدينة تعاني من فراغٍ أمنيٍّ واسع، وصارت الحاجة ملحةً لوجود هيئةٍ أو مؤسسةٍ تتولى إدارة أمن المدينة، فتداعى عددٌ من الناشطين في الثورة ومن الأهالي لتأسيس مركز شرطة القورية، بتاريخ 5/ 8/ 2012. ويعدّ هذا المركز من أقدم المراكز في ريف دير الزور المحرّر. ويتألف من عددٍ من المكاتب والأقسام: مكتب رئيس المركز، الديوان، مكتب البحث الجنائي، قسم التحقيق، قسم الدوريات، السجن. وتوجد ضمن المقرّ محكمةٌ ثوريةٌ تتألف من عدة أعضاءٍ حقوقيين وشرعيين. يبلغ عدد العاملين في المركز 45، منهم 10 في البحث الجنائي، معظمهم من العسكريين المنشقين عن جيش النظام، والحقوقيين، والمتطوعين من عناصر الجيش الحر.
وتمّ اختيارهم وفق شروطٍ، مثل أن يتجاوز العمر 18 سنة، وسلامة السجلّ العدلي، والسمعة الحسنة، وإجماع أهل المدينة عليهم بصيغة توافقية. يبدأ دوامهم الإداري في الساعة 8:30 صباحاً حتى الساعة 1:30 بعد الظهر، وتوجد مناوباتٌ مسائيةٌ ومجموعة طوارئ ليليّة.
يقول رئيس المركز، الملازم حمد الموسى: إن المركز يقوم بتلقي كافة أنواع الشكاوى من المواطنين، ويقوم بمتابعتها والتحقيق فيها، وإلقاء القبض على المجرمين، والمخالفين. ويقوم بتسيير الدوريات الراجلة والسيّارة، وتنظيم المرور عند العقد وأماكن الازدحام، وخاصةً في منطقتي السوق والمزاد. ويقوم بعض العناصر بدورياتٍ نهرية، مستقلين زورقاً مائيّاً سريعاً، للحفاظ على الثروة السمكيّة من الصيد بالديناميت والصعق بالكهرباء والسمّ. كما يوجد بعض العناصر في مواقع من البادية لمنع الاحتطاب الجائر، ومنع بعض حالات الحرابة والتشليح. ويقوم المركز بفرز عناصر إلى أماكن التجمعات مثل الفرن ومحطة الوقود والمتاجر، لتنظيم عملها من جهة، وحمايتها من جهةٍ أخرى.
ويقول الملازم الموسى إن المركز بحاجة إلى سياراتٍ، وأسلحةٍ فرديّة، ولباسٍ موحّد، إضافة إلى بعض الدعم اللوجستي، والمعدّات الخاصة برجال الشرطة. أما بالنسبة إلى الصعوبات فيقول: تم إيقاف عمل عدّة عناصر بسبب وضع الرواتب غير الكافي، وعدم وجود اعتماداتٍ لهم من قبل جهاز الشرطة المركزي. إضافةً إلى بعض المعوقات العشائرية التي تحدّ من قدرة المركز على العمل، وشيءٍ من المحسوبية.
ويقدّم المجلس المحلي في المدينة، رغم إمكانياته المادية المتواضعة، مبالغ مالية شهرية للمركز، إضافة إلى صيانة السيارة، وتأمين الوقود لها. وكذلك يقوم المجلس بإشراك رئيس المركز في جلساته الدورية، وتقديم الدعم المعنوي للمركز.
أما بالنسبة لأهالي القوريّة، فيعتقد معظمهم أن عمل مركز أمن المدينة لا يزال متواضعاً، ولم يصل إلى الدرجة المطلوبة في تحقيق أمنهم واطمئنانهم. ولكنهم يرون أن وجوده ضروري، حتى وان كانت إمكاناته وعمله على الأرض متواضعة. ويقول البعض الآخر: لنعمل جميعاً على إنجاز مشروعٍ أمنيٍّ قوامه من أمن كتائب الجيش الحر، وبالتنسيق مع مركز أمن المدينة، ومع لجان مقاومةٍ شعبيةٍ مطلوبٌ تشكيلها في كل حيّ. ولتشارك كل فعاليات المجتمع المدنيّ في هذا المشروع الأمنيّ الذاتيّ، لأنه لا أحد بمنأى عن الخطر. فلنبادر إلى تنظيم أنفسنا لحماية مدينتنا وأهلنا.
ويقول عبيد (38 سنة)، وهو أحد عناصر المركز: لا توجد بيننا وبين الأهالي علاقة حاكمٍ ومحكومٍ أو رئيسٍ ومرؤوس، بل هي علاقةٌ أخوية. لأننا موجودون لخدمتهــــم والحفــــاظ على ســـــــلامتهم. ونحن نحاول قدر المستطاع إعطاء صورةٍ مختلفةٍ عن رجل الشرطة الأسدي المرتشي والابتزازي المتسلّط.
إنجازاتٌ بالأرقام ـ استرداد حوالي 46 دراجةٍ ناريّة، من أصل حوالي 100 شكوى مقدّمة. ـ استعادة 4 سيارات مسروقة. ـ استعادة 7 بنادق و 3 مسدسات. ـ تم التحقيق في 4 جرائم قتل، ولا زال التحقيق فيها جارياً. ـ في آخر أسبوعٍ فقط، تم استرداد أثاثٍ ومعدّاتٍ كهربائيةٍ بقيمة 3 مليون ل. س.