المخدرات في دير الزور تجارة يقودها رئيس الهلال الأحمر.. بين عشرة من طلاب الثانويات والمعاهد والجامعة طالب يتعاطى الحشيش أو الحبوب المخدرة

العقيد ماهر حنانو في ندوة عن مخاطر المخدرات - انترنت

لم يكن تجار ومروجو المخدرات في مدينة دير الزور، يحلمون بظروف عمل أفضل من الظروف المتحققة هذه الأيام: خطوط نقل آمنة، سوق نشط يزداد فيه عدد الزبائن كل يوم، وحماية نموذجية يوفرها ضباط المخابرات والجيش والشرطة، من قادة الأفرع الأمنية إلى قائد الشرطة إلى رئيس جهاز مكافحة المخدرات.

من لبنان تنطلق شحنات حشيشة الكيف والحبوب المخدرة، في طرق آمنة تحت نفوذ حزب الله إلى الأراضي السورية، قبل أن تجد طريقها إلى المحافظات. لدير الزور نصيب رئيسي من هذه التجارة، فلا توجد فيها أي شكليات يحاول النظام فرضها، لتحد من الكميات المنقولة إلى هناك، أو تقيد حرية الإتجار والترويج والدعاية حتى، فضلاً عن التعاطي.

يجمع المهتمون بهذه الظاهرة، على أن رئيس فرع منظمة الهلال الأحمر السوري في دير الزور (سفيان المشعلي) هو تاجر المخدرات الأكبر اليوم في المحافظة، ويسرد بضعهم وقائع عن شحنات حشيش نقلت بسيارات الهلال الأحمر من دمشق وحمص إلى المدينة خلال الأشهر الماضية. استطاع المشعلي بناء شراكات متعددة الصيغة بكل من العميد غسان عزام رئيس فرع المخابرات العسكرية بدير الزور، والعميد غسان طراف قائد اللواء (104) حرس جمهوري، وكذلك العقيد ماهر ديب حنانو رئيس فرع مكافحة المخدرات.

توفر هذه الشراكات حماية شاملة لشبكة (المشعلي)، وتمكنه من التحكم بالسوق وإلحاق العقاب بمن يريد من التجار الأصغر والمروجين على مستوياتهم المختلفة. تضم شبكة المشعلي تجاراً فرعيين، ثم موزعين، ثم الباعة في الحارات والشوارع، انتهاء بالمتعاطين، وتمتد أنشطتها إلى المدارس والمعاهد والكليات، وإلى السجن المدني أيضاً، بالشراكة مع ضباط وضباط صف الشرطة في السجن.

تعدّ حبوب الزولام والبالتان والكبتاغون وبودرة البوغابالين أشهر الأنواع الرائجة اليوم في مدينة دير الزور، وهي الأرخص ثمناً مقارنة بالحشيش؛ حيث يتراوح سعر الحبة/ الظرف الواحد بين (200-3000) ل.س، فيما يبلغ سعر (نصف 25 غ) حشيش 12500 ليرة تقريباً.

يقول مصدر خاص من قيادة الشرطة في دير الزور لعين المدينة، إن ثلاثة أشخاص يتبعون للمشعلي، ويشكلون الحلقة الثانية في شبكته، أحدهم يدعى (أحمد اللاحج) من حي الجورة، والآخر (حسام الشريف) وهو صاحب مطعم "الصحة" في شارع البيئة، والثالث (أحمد المصري) المعروف ب"إبن المصرية"؛ ثم يأتي بعد هؤلاء، من رؤوس التجار الأدنى في هذه الشبكة، رئيس رابطة مشجعي نادي الفتوة السابق المعروف ب"أبو خولة" والرئيس السابق لشركة فارمكس الحكومية للأدوية (عيد الجمل)، فيما تعد صيدلية المختار بالشارع العام في حي الجورة مصدراً رئيسياً للحبوب المخدرة بأنواعها المختلفة.

تروي سيدة من أهالي حي القصور لعين المدينة، كيف اكتشفت صدفة أن ابنتها الطالبة في كلية الآداب تتعاطى الحشيش المخدر، حين وجدت في حقيبتها  قطعة صغيرة بنية اللون، أخذتها خفية لتسأل شقيقها، لتكتشف أن ابنتها "حشاشة"، وحين واجهتها مستفسرة، رفضت الشابة الحديث، وهددت بمغادرة المنزل من غير رجعة، إن لم تدعها أمها وشأنها.

يقدّر مدرس في إحدى ثانويات دير الزور  نسبة متعاطي المخدرات بأنواعها بين الطلاب، بواحد من بين عشرة على الأقل، وترتفع النسبة في صفوف عناصر الميليشيات لتبلغ، حسب عنصر من ميليشيا "الدفاع الوطني"، ب(50)% من عناصرها، ويذكر وقائع لصدامات دامية كان أبطالها عناصر "ضاربين تكاسي" (مصطلح عن تناول الحبوب) ألقيت في بعضها قنابل يدوية، واستعملت أسلحة رشاشة، وكان اشهرها المعركة بين "الدفاع الوطني" وميليشيا "لواء القدس".

كان بائع الخضار الجوال (علي) طبيعياً في سلوكه العام، وجاداً في مهنته، قبل أن يتغير خلال وقت قصير في الأسابيع الأخيرة. ليشاهد في معظم الأيام بحالة غريبة ينادي فيها على أنواع الخضار على عربته بصيحات منفصلة عن الموضوع، بمقطع من أغنية، أو بجملة بالعربية الفصحى، أو بالقسم الهزلي "بالنبايا ما أريد أضيع عليك الخرداية"؛ فيما يتناقل جيران (سلام) في شارع الوادي حكايا شجاراته اليومية خارج المنزل وداخله، حين يعود منطفئاً ليضرب زوجته، ويهددها بالطلاق، إن لم تعثر له على عروس.