166 إصابة في مدينة الميادين خلال عشرة أيام
ما هي اللاشمانيا؟
تسبب مرض اللاشمانيا الحشرة المسماة «ذبابة الرمل» وهي حشرة صغيرة لا يتجاوز حجمها ثلث حجم البعوضة العادية, وتنشط هذه الذبابة ليلاً حيث تطير دون أن تصدر أي صوت وقد تلسع الشخص من دون أن يشعر بلسعتها، وتنقل ذبابة الرمل المرض عبر طفيلي يسمى باللاشمانيا عن طريق لسعاتها ومصها لدماء الكائن الحي «إنسان، حيوان» ثم تقوم بلسع كائن آخر إذ تنقل إليه الطفيلي بالحقن فيصيبه المرض. تترك اللاشمانيا آثاراً بالغة الضرر, فهي تؤدي إلى تشوهات وتآكل في الأنسجة الجلدية وبآثار دائمة على الأجزاء الظاهرة من جلد المصاب، وهي الأجزاء الأكثر تعرضا للسعات ذبابة الرمل.
تظهر اللاشمانيا بعد عدة أسابيع من لسعة ذبابة الرمل, على شكل حبوب حمراء صغيرة أو كبيرة, تتطور إلى تقرحات تلتصق بسطحها إفرازات جافة.
في تقريرها الأخير دقت منظمة الصحة العالمية ناقوس الخطر بشأن الوضع الصحي المتردي في مجمل الأراضي السورية, وحمل التقرير حقائق مرعبة تنذر بكوارث عدة وتحذر من انتشار محتمل لأوبئة وأمراض خطيرة, ذات آثار سيئة في المدى المنظور القريب، وقد جاءت اللشمانيا «حبة حلب» في مقدمة تلك الأمراض التي تناولها التقرير.
يقول التقرير الصادر مؤخراً إنه وفي مدينة الميادين وحدها تم تسجيل 166 حالة إصابة وخلال عشرة أيام فقط من شهر شباط الماضي, ويفسر التقرير انتشار هذا المرض بتردي الأوضاع الصحية في البلاد, حيث توقفت كثير من المستشفيات والمراكز الصحية عن تقديم خدماتها العلاجية والوقائيــــة.
ويقــول الدكــتور خالـــد الـــجاسم من هيئة «موحسن وبقرص الطبية» لعين المدينة :
إن تزايد معدلات الإصابة بهذا المرض تقلق الهيئة, فلقد استقبلت المستشفيات والمراكز الطبية التابعة لهذه الهيئة أكثر من 100 حالة إصابة باللاشمانيا خلال شهر واحد فقط , ويشدد الدكتور الجاسم على ضرورة الاستنفار الكامل وتضافر الجهود كافة لمكافحة اللاشمانيا وغيرها من الأوبئة التي تهدد الصحة العامة في محافظة ديرالزور.
يضيف الجاسم: إن الهيئة تستقبل العديد من الحالات يومياً, بعضها لسكان مقيمين وبعضها الآخر لنازحين من مناطق أخرى
قدموا للعلاج في مراكز الهيئة الطبية, وفي مرات كثيرة نعجز عن تقديم العلاج اللازم لنفاد مصل «الغلوكانتيم» المضاد لهذا الطفيلي, علماً أن المصاب يحتاج إلى أكثر من عشر جلسات علاجية كحد أدنى, حيث يحقن بالغلوكانتيم كل خمسة أيام, ولم تقدم أية جهة أو مؤسسة طبية أية مساعدات جدية لمكافحة هذا المرض, حيث تبذل الكوادر الطبية جهوداً كبيرة لتامين الدواء اللازم وبشكل فردي مما يفاقم من الحالة بشكل كبير.
وتترك اللاشمانيا آثاراً نفسية سيئة جداً على المرضى وخصوصاً على الإناث منهم, إذ تسبب الندبات والتآكل على النسيج الجلدي وخاصة على الوجه أضراراً نفسية عميقة يصعب التعافي منها, ويفسر كل هذا «والكلام للطبيب» بما يسمى «سوء الإصحاح» وهو المصطلح الذي يدل على تردي الظروف الصحية وتراجع خدمات النظافة العامة وإهمال النظافة الشخصية أيضاً, حيث توقفت أعمال جمع القمامة وترحيلها.
يلفت الجاسم إلى الارتباط الظاهر بين اللاشمانيا وظاهرة استجرار وتكرير النفط, حيث تكثر ذبابة اللاشمانيا في مناطق استجرار النفط ومتاطق تكريره البدائي, كذلك ارتفاع معدلات الإصابة باللاشمانيا في مناطق التكرير والاستجرار بشكل كبير بالمقارنة مع المناطق الأخرى التي تخلو من أعمال النفط العشوائية.
وناشد الطبيب عبر مجلة عين المدينة, باسم هيئة موحسن وبقرص الطبية وباسم جميع العاملين في الحقل الطبي في محافظة ديرالزور, الهيئات والمنظمات الطبية الدولية أن تتدخل وبشكل عاجل وفوري, لتأمين العلاج اللازم وبكميات كافية لتغطية حاجة المحافظة والسيطرة على هذا المرض الذي أصبح خارج السيطرة، وأكد على ضرورة أن تبدأ الكوادر الطبية في ديرالزور بتوحيد جهودها من أجل إنشاء قاعدة بيانات إحصائية لإصابات اللاشمانيا وغيرها من الإصابات في أوبئة أخرى ستحل بالمحافظة مع قدوم موسم الصيف.