- Home
- Articles
- Radar
اللاذقية إلى الحرب مجدداً
شعور لم يكن يتوقع سكان اللاذقية أن يراودهم مرة أخرى، بعد هدوء عاشته المدينة خلال حوالي أربعة أعوام سابقة، لم يشهد محطيها فيها أعمالاً حربية كبيرة، إلا أن ما يشهده ريف اللاذقية اليوم ينذر بعودة حياة سابقة كانت مرعبة بالنسبة لسكان المدينة، مع اشتداد الاشتباكات في ريفها الشمالي، وصوت سيارات الإسعاف الذي لا ينقطع ليلاً نهاراً حاملاً القتلى والجرحى.
اعتبر ناشطون مدنيون في اللاذقية، أن هجوم قوات المعارضة على مواقع النظام في ريف اللاذقية الشمالي هو الأكبر من نوعه منذ 2015، خاصة بعدد القتلى الكبير الذي شهدته هذه المعارك من قوات النظام السوري، والذي يعيد إلى الذاكرة ما شهده الساحل ككل سابقاً من جنازات جماعية، وانتشار صور القتلى في مختلف الشوارع، خاصة في اللاذقية وريفها
يقول جمال سيدو وهو ناشط صحفي مقيم في مدينة اللاذقية، أن الخسائر المادية والبشرية خلال المعارك الأخيرة في ريفي اللاذقية وحماة هائلة جداً، والأرقام بالمئات وليست بالعشرات من قتلى ومصابين، وخاصة في جبل التركمان، وأغلب القتلى من الدفاع الوطني وكتائب البعث.
يلفت الناشط إلى أن أجواء الحرب عادت كما كانت في اللاذقية، بكل حيثياتها، من أصوات سيارات الإسعاف، وأصوات إطلاق النار عند جلب القتلى، إلى القذائف التي تنزل في أطراف المدينة وأحياناً داخلها، والذعر الجمعي الذي يصاب به السكان جراء كل ذلك.
"حالة استياء كبيرة يمكن أن تراها في عيون السكان، وفي عيون المقاتلين أيضاً، ليس استياءً فقط من عودة المعارك، لأن المقاتلين يجعلونك تشعر دائماَ بأنهم بانتظار معارك جديدة، بل استياء من التفرقة بين فصائل النظام، فما تحظى به القوات المدعومة روسياً من تغطية جوية لا تحظى به الكتائب الأخرى، ككتائب البعث والدفاع الوطني وغيرها، لذا فالقتلى كلهم من تلك الفصائل التي باتت بمثابة مستوى ثانٍ، لا تلقى اهتماماً كتلك التي يرعاها الروس ويميزونها بكل شيء" يقول المصدر.
يشي مستشفى الأسد الجامعي في اللاذقية بوجود أعداد كبيرة من القتلى والجرحى، إلا أنه يرفض التصريح الرسمي عن الأعداد، فيما تقول مصادر طبية منه أن الأسرَّة ممتلئة، وما يصله من حالات حالياً يفوق الطاقة الاستيعابية.
عودة الأعمال الحربية إلى اللاذقية، وسقوط القذائف داخل المدينة، شجع أولئك الذين كانوا ميالين إلى العودة إلى قراهم، بعد أزمة المياه التي شهدتها مناطق من اللاذقية في الفترة السابقة، لتشهد المدينة حركة هجرة عكسية باتجاه الريف تحت ضغط ظروف الحياة في المدينة، والتي كان آخرها العمليات الحربية في الريف الشمالي وأثرها على المدينة، فيما يبدو القنوط على أوجه المجندين الذين كانوا قد بدؤوا بحملة "بدنا نتسرح" قبل فترة، والتي أيضاً رافقتها حملة أخرى طالب من خلالها أطفال بتسريح آبائهم، بعد قضائهم سنوات طويلة في الخدمة الإلزامية، والتي كلما شاع أنها ستنتهي بالتسريح، بدأت معركة أخرى تؤكد أن لا تسريح قريب.
في ظل ما تعيشه اللاذقية هذه الأيام، تُتمّ العبوات الناسفة قتامة المشهد على السكان، أو على جزء منهم، فقد استهدفت عبوة قبل أيام سيارة قائد ميليشيا "الجبهة الشعبية لتحرير لواء إسكندرون" علي كيالي (معراج أورال) في ريف اللاذقية، ما أدى لإصابته التي نقل على إثرها إلى دمشق لتلقي العلاج.
دعوات للتبرع بالدم تملأ شوارع اللاذقية من كل الزمر، وجنازات تؤجل خوفاً من إحداث استياء عام في حال إجراء جنازات جماعية كبيرة (تم إخراج 15 قتيلاً دفعة واحدة من مستشفى زاهي أزرق العسكري في اللاذقية قبل أيام)، فيما شاحنات كبيرة تقلّ عدةً وعتاداً ومقاتلين إلى جبهات الشمال مع ارتفاع وتيرة الأعمال القتالية دون أي تغييرات واضحة في خرائط السيطرة على الأرض، إلا أن الخسائر الكبيرة تتضح في قصف المواقع العسكرية وقتل الجنود.