قبل أيامٍ من حلول الذكرى السنوية الثانية لمجزرة الكيماويّ في الغوطتين؛ تبنّى مجلس الأمن الدوليّ قراراً يقضي بتشكيل لجنة خبراءٍ مشتركةٍ بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية للتحقيق في استخدام السلاح الكيماويّ في سوريا، وتحديد الأفراد والجهات المسؤولة عن هذا الاستخدام. وفي حين رحّبت العديد من الجهات السياسية بهذا القرار المبدئيّ؛ لم يلقَ الكثير من الاهتمام في أوساط السوريين، لانعدام ثقتهم بردود الأفعال الدولية على جرائم النظام بشكلٍ عام، ومنها تلك التي أعقبت المجزرة الكيماوية على وجه الخصوص، بالرغم من وجود دلائل واضحةٍ تثبت تورّط الأسد ونظامه.
تقارير المنظمات وتصريحات المسؤولين
أصدرت منظمة هيومن رايتس ووتش تقريراً أشار بشكلٍ مباشرٍ إلى مسؤولية قوّات الأسد عن المجزرة، استناداً إلى روايات الشهود وسجلات الضحايا الطبية وبقايا الصواريخ المستخدمة. وكذلك الحال بالنسبة إلى منظمات حقوق الإنسان المحلية، إذ صدر العديد من التقارير الموثقة في هذا الصدد. كما جاء في تقرير فريق المحققين المستقلين التابع للأمم المتحدة أن "مصدر المواد الكيماوية المستخدمة في هجوم الغوطة، وقبلها في سرمين، وسراقب لاحقاً، هو مستودعات الجيش السوريّ". أما في تصريحات المسؤولين الدوليين فقد تحولت مجزرة الغوطتين إلى مناسبةٍ للتراشق السياسيّ، إذ حمّلت حكومات كلٍّ من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا النظام المسؤولية، بناءً على أدلةٍ استخباراتيةٍ كشفتها كلّ دولةٍ على حدة، بينما اتهمت روسيا ما تسمّيه "قوّات المعارضة" بالهجوم، لينتهي الأمر باتفاق تدمير "الترسانة" الكيماوية المصرّح عنها من قبل النظام، الذي أعلن عن الانتهاء من تدميرها نهاية شهر تموز الماضي.
هجمات غاز الكلور
على الرغم من ادّعاء النظام تسليم كامل مخزوناته من غاز السارين والخردل للجهات الدولية المسؤولة؛ فإن هجماته الكيماوية لم تتوقف، اذ وثقت العديد من المنظمات ما يزيد على 125 هجوماً بغاز الكلور السام على مختلف المناطق السورية عبر البراميل المتفجرة والقذائف، مخلفةً مئات الشهداء وآلاف الجرحى، بحسب تقارير الشبكة السورية لحقوق الإنسان وشهادات الناشطين.
رحّبت الدول الغربية الكبرى بالقرار رقم 2235 الصادر عن مجلس الأمن مؤخراً، لكن يبقى أن قراراً أكثر أهميةً لم يُتخذ بعد، وهو محاسبة الأسد على جرائمه. ليظلّ هذا الأمر متروكاً للإجراءات البيروقراطية والتجاذبات السياسية، بعد مرور عامين على المجزرة الكيماوية وخمس سنواتٍ على كلّ الفظائع الأخرى.