بعد هروبه من داعش قصد خالد مدينة غازي عينتاب التركية، ليبدأ رحلة البحث عن عمل. هو مدرّسٌ للغة الإنكليزية، التي من المفترض أنها المؤهل المطلوب لدخول مجال العمل مع المنظمات الدولية المعنية بالشأن السوريّ، والتي جعلت من عينتاب مركزاً رئيسياً لها.
ريثما يجد العمل المنشود اضطرّ خالد إلى الإقامة في سكنٍ شبابيٍّ، أو كما دعاه بـ"النُزل". وهو بيتٌ قديمٌ جداً ضمن السوق الشعبيّ "الجارشي". يتألف من ستة غرفٍ يتوسّطها فناءٌ كبيرٌ (الحوش). أرضيته غير مبلطة، ويعاني من الرطوبة في جميع أجزائه. شديد الحرارة في الصيف، شديد البرودة في الشتاء، واستخدام الكهرباء للتدفئة أمرٌ غير مسموحٍ به. يقيم في الغرفة سبعة أشخاصٍ، ولكلٍّ منهم فرشته فقط، يستأجرها بـ125 ليرةً تركيةً شهرياً، أو 10 ليراتٍ يومياً. يستخدمون حماماً واحداً ومطبخاً واحداً. وهذا ما ينطبق على جميع هذه "البيوت الشبابية" تقريباً. يقول محمد من ريف حلب: "أشتغل بورشة خياطة بمعدل 13 ساعة يومياً، وراتبي 900 ليرة بالشهر. وأنا مجبور أقعد بهالسكن السيئ لأنو الإيجارات غالية بعنتاب، وعم ببعت لأهلي بإعزاز مصروفهن الشهري".
ويبقى الواقع بالنسبة إلى الشباب أفضل حالاً منه بالنسبة إلى العوائل الفقيرة التي تهرب من أهوال الحرب المستمرّة والمستعرة، فيقصد أغلبها ريف عينتاب أو أحياءها الشعبية الطرفية كالجمهوريات والفاتح، ذات الأسعار المنخفضة نسبياً. ويحاول جميع أفراد الأسرة العمل لمواجهة المصاريف المرتفعة، وعلّهم يدّخرون مبلغاً يحسّنون به أحوالهم السكنية.
يُدير المحامي رامي العساف دار إيواء الحمزة الخيريّة، المخصّصة للعوائل القادمة التي تحتاج إلى الإقامة لبضعة أيامٍ قبل أن تجد مستقرّاً لها. وهذه الدار بناءٌ مؤلفٌ من ثلاثة طوابق، يحوي كلٌّ منها تسع غرف، وتخصّص لكل عائلةٍ غرفةٌ واحدةٌ فقط، ويشترك النزلاء بالحمام والمطبخ. يقول المحامي العساف: "نستقبل العوائل القادمة حديثاً من سوريا لمدّةٍ أقصاها 15 يوماً، لإعطائهم فرصةً كي يجدوا عملاً ومنزلاً مناسباً. ونبحث الآن عن بناءٍ يحوي غرفاً أكثر، نتيجة توافد العوائل بأعدادٍ كبيرة".
ويقيم قسمٌ كبيرٌ من السوريين في عينتاب في شققٍ سكنيةٍ صغيرةٍ من نظام "الأستوديو". وجلّ هؤلاء من الموظفين في مؤسّسات المعارضة والمنظمات الدولية وأصحاب الأعمال الحرّة. وتُعدّ أجور السكن في عينتاب الأغلى من بين الولايات التركية حالياً.