السكتات القلبية لا ترحم الشبان في إدلب

لم يكن الشاب رزوق المصري قد تجاوز الثانية والثلاثين من العمر حين أصيب بسكتة قلبية نقل على إثرها إلى المستشفى، وهناك فارق الحياة بعد ثلاث ساعات رغم جهود الأطباء لإنقاذه. وهي النوبة القلبية الثالثة التي يصاب بها الشاب خلال ستة أشهر فقط، وقد نجا من النوبتين الأوليين لأنه وجد من ينقله سريعاً إلى مستشفيات قريبة، الأمر الذي لم يتوفر له في المرة الثالثة.

رزوق المصري شاب من بلدة حاس في ريف إدلب الجنوبي، كان يصاب بحالات ذعر شديدة جراء القصف الجوي المتواصل خلال الحملة الروسية الأخيرة على ريف حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي. أراد النزوح شمالاً على غرار ما فعل الكثير من أبناء منطقته، لكنه كان عاجزاً عن تكبد نفقات النزوح وتأمين مبالغ إيجار منزل جديد.. فكان ما كان، ولقي المصير المحتوم بعد أن عجز قلبه عن الصمود أمام هول ما كان يجري أمامه.

يقول مصطفى المصري شقيق رزوق "قبل الأشهر الستة الأخيرة لم تكن قد ظهرت عليه أية أعراض مرضية، وفجأة تتالت الأزمات القلبية وفاجأنا كثيراً بموته لأن الذبحات الصدرية نادراً ما تضرب من هم تحت الخامسة والأربعين". وأضاف المصري "عانى شقيقي الفقر والخوف من التهجير والخشية على أطفاله من الموت، ما جعله يعيش حالة من القلق الشديد في ظل مشاهد القتل اليومية التي ترافقت مع الهجوم الوحشي للنظام على مناطقنا... لم يستطع تحمل كل هذه المآسي وتوفي تاركاً وراءه أيتاماً وأرملة".

من المعروف أن الشبان في الشمال السوري يعانون من ضغوط نفسية واجتماعية كبيرة نتيجة الحرب، تتمثل خاصة في البطالة والفقر والتهجير والعجز عن تأمين لقمة العيش، ما دفع الكثيرين منهم إلى تناول الحبوب المخدرة، في حين يسجل ارتفاع في حالات الانهيارات العصبية والأزمات القلبية.

يقول مصدر طبي في منظومات الإسعاف في الشمال السوري المحرر لعين المدينة إن "نسبة إصابة الشبان بالسكتات القلبية والدماغية وبحالات الانهيار العصبي ارتفعت بشكل ملحوظ بحيث أن بين كل 10 حالات إصابة بهذه الأمراض هناك ثلاث حالات منها لشبان، في حين أن النسبة كانت حالة واحدة قبل الحرب".

من جهته يروي المسعف في منظومة شام الإسعافية حامدي جديد حالة ثانية لأزمة قلبية أصابت شاباً يافعاً. قال: "تلقينا اتصالاً من قبل مركز العيس للقسطرة القلبية في قرية العيس جنوبي حلب، لنقل شاب في الثانية والعشرين من العمر مصاب بذبحة قلبية إلى المستشفيات التركية لتلقي العلاج هناك، فالحالات التي يصعب على مستشفيات الشمال معالجتها يتم نقلها إلى الداخل التركي حيث التجهيزات الطبية أفضل بكثير". وأضاف المسعف: "قمنا بتلبية النداء على وجه السرعة لأن انسداد الشرايين لدى الشبان يعتبر حالة حرجة، فزودنا سيارة الإسعاف بأجهزة إنعاش في حالة توقف القلب أثناء النقل، وسلمنا الشاب إلى الجانب التركي حيث أدخل المستشفى هناك لإجراء عملية له في القلب".

وتعمل الجهات الطبية ومراكز المعالجة الفيزيائية على مواجهة الإصابات بأزمات قلبية وبصدمات تؤدي إلى الانهيار العصبي، من خلال القيام بجلسات معالجة واسترخاء للمريض، وإعطائه أدوية مهدئة للتخفيف من حالة التوتر التي يعاني منها.

يقول المعالج الفيزيائي معاذ الحسن لعين المدينة: "زادت نسبة الإصابة بجلطات الدماغ في الفترة الأخيرة خاصة لدى كبار السن الذين يعانون من أمراض الضغط والسكري أو انسداد أحد الشرايين، لكن الجلطات شملت أيضاً شباناً، وكانت قاتلة في أغلب الأحيان، وبعضها تسبب للمصابين بخزل شقّي في أحد الأطراف لدى المصاب". وأضاف الحسن: "استقبلنا مؤخراً شاباً في العشرين من العمر مصاباً بجلطة خفيفة نتجت عن تعرضه لصدمة، وقد ظهرت عليه أعراض الضعف العضلي الشقّي في الطرف العلوي والسفلي الأيمن مع فقدانه جزئياً لبعض الحواس مثل ضعف السمع".

وعن طريقة العمل أوضح المعالج الحسن "أن جلسات العلاج الفيزيائي تتضمن تقوية للعضلات الضعيفة، وتمارين توازن المريض أثناء الوقوف والمشي مع الأجهزة الحركية المساعدة في تقوية العضلات، وقد لوحظ التحسن لديه في تنسيق الحركة والمشي والتوازن، وهو يستعيد حالياً عافيته".