المرصد 45 | ريف اللاذقية
كان التطور الميدانيّ الأهمّ خلال الأيام الماضية هو ما حققته الكتائب الإسلامية وبعض فصائل الجيش الحرّ في معارك ريف اللاذقية. إذ اعتبر التقدم الذي تمّ إحرازه هناك، بالسيطرة على كسب والمرصد 45 وقرية السمرا وجبل تشالما والنبعين وغيرها من القرى المجاورة، بمثابة فتحٍ واسعٍ لجبهةٍ تعتبر من أهمّ جبهات الصراع مع قوات الأسد، نظراً لقربها من مدينة اللاذقية وريفها، الذي يعتبر المنبع البشريّ الأول لقوّات النظام وشبيحته، ولذلك كان الساحل السوري المنطقة الأكثر هدوءاً خلال سنوات الثورة.
واللافت في هذه المعركة أن كلّ الحشود العسكرية المجهّزة بأحدث العتاد الحربيّ لم تستطع حتى الآن استرجاع السيطرة على المرصد 45، الذي يعتبر نقطةً استراتيجيةً هامةً في ريف الساحل، لارتفاعه الشاهق وإمكانية رصد مساحاتٍ واسعةٍ من خلاله. فقد باءت الحملات العسكرية المتتالية لجيش النظام بالفشل. ومنيت مجاميع الشبيحة، ممثلةً بما يسمّى "قوّات الدفاع الوطني" وهي الميليشيا الأكثر قوةً في الساحل، بمقتل قائدها هلال الأسد، إضافة إلى قياديين آخرين خلال المواجهات.
وكان انتصار الثوّار في معركة "الأنفال" بمثابة استعادة نقاط القوّة في المنطقة الساحلية، وخاصة جبلي الأكراد والتركمان اللذين تعرضا، وخلال أكثر من عام، لقصفٍ يوميٍّ دون أن تتطور المعارك فيهما إلى أكثر من مناوشاتٍ ورميٍ متبادل بالقذائف.
كما أن ما قدّمه الثوار من دلائل على عدم التعرّض للمدنيين في المنطقة دحض مزاعم النظام بارتكاب مجازر تجاه الأرمن، وهم الأكثرية التي تقطن مدينة كسب ومحيطها. إذ تبيّن أن من تبقّى من سكان المدينة هم اليوم تحت رعاية الثوّار دون تعرّض أيٍّ منهم لأذى، وأن المصابين منهم جرّاء المعارك يلقون عنايةً طبيةً في المشافي الميدانية.
ريف دمشق عودة المواجهات على نقاط التماسّ
لم تكن معركة الساحل وحدها التي استعادت قوّتها في خارطة المواجهات، فقد جهّزت مجموعةٌ من فصائل المعارضة والجيش الحرّ في الغوطة الشرقية بريف دمشق لحملةٍ عسكريةٍ تحاول من خلالها التقدّم على جبهات المليحة وجوبر والمتحلق الجنوبيّ. إلا أن تلك الحملة لم تحقق أهدافها بعد، فقد سخّر النظام سرب طيرانٍ كاملٍ للحدّ من تقدّم الثوار في تلك المناطق بعشرات الغارات يومياً، ولذلك لم تستطع قوّات المعارضة حتى الآن تحقيق أيّ تقدمٍ على صعيد الجبهة الأكثر قرباً من وسط العاصمة.
إدلب معارك صدى الساحل
كانت المعارك المتجدّدة في خان شيخون بريف إدلب، والتي أطلق عليها الثوّار اسم صدى الأنفال، أكثر فاعليةً وسرعةً على الأرض. فقد استطاعت الكتائب المعارضة في المنطقة إكمال السيطرة على عدّة حواجز تابعةٍ لجيش النظام، الذي لم يبقَ تحت سيطرته في المنطقة إلا أربعة حواجز من أصل 14، وهو ما يراه نشطاء تقدّماً على الطريق الدوليّ، ومحاولةً لقطع طرق الإمداد التي يعتمدها النظام، وتوسيعاً لدائرة سيطرة المعارضة على ريف إدلب.
وفي حلب أيضاً كان تقدّم الثوار من جهة الليرمون والمدخل الشماليّ للمدينة بمثابة قطع طرق إمدادٍ للنظام، وعزلٍ للريف الشماليّ في حلب عن مدفعيّة وقوّات النظام المتمركزة على أطراف هذا الريف، وخنقٍ للنظام مجدّداً في أماكن وجوده غرب المدينة.
حماة ودرعا معارك الحفاظ على المكتسبات
حاولت مجمل القوى الثوريّة المقاتلة في كلٍّ من حماة ودرعا الحفاظ على التقدّم الذي حققته خلال الأسابيع الماضية. فلم تستطع قوات النظام، بحملتها الجديدة على مورك وريفها، استعادة أيّة نقطةٍ جديدة، بل تكبّدت تلك القوّات خسائر كبيرة، خاصةً بعد أن أصبحت نقاط التمركز التي يعتمدها الثوار أكثر قوةً واستقراراً.
وفي درعا يبرز المشهد ذاته من خلال توجه الثوّار نحو تأمين وتمشيط المناطق التي خضعت لسيطرتهم مؤخراً، وبخاصةٍ محيط السجن المركزيّ كونه منطقة ألغام. ولم تفلح أيضاً حملات النظام لاستعادة تلك النقاط سواءً في ريف درعا أم ضمن المدينة التي ما تزال تشهد مواجهاتٍ يوميةٍ على نقاط التماسّ.