- Home
- Articles
- Radar
الجمعيات الإغاثيّة في الميادين... أعدادٌ كبيرة، وفعاليةٌ محدودة... وغياب التنسيق
من توزيع المساعدات الغذائية في الميادين
مع دخول الثورة السورية عامها الثالث، وإكمال حالة نزوح أبناء مدينة دير الزور عامها الثاني، هناك العديد من الأسئلة التي تطرح عن الجهود المبذولة في مدينة الميادين لاحتواء أزمة النزوح والتخفيف من آثارها.
هناك خطّان يمكن تتبعهما عند الإجابة على هذا السؤال؛ الأول هو عدد الجمعيات التي تقدّم خدماتها للنازحين، وهم في الغالب من أبناء دير الزور المدينة، وتحديداً أبناء الجزء المحرّر منها، والخط الثاني هو فعالية هذه الجمعيات والدور الحقيقيّ الذي تلعبه بعيداً عن المبالغة والادّعاء. "عين المدينة" التقت بالسيد محمود الراشد، أحد العاملين في مجال الإغاثة في الميادين، والذي تحدّث عن حال تلك الجمعيات والفروق بينها فقال: "تختلف هذه الجمعيات أولاً حسب نشاطها وفعاليتها، فهناك جمعياتٌ فاعلةٌ وأخرى شبه وهمية. وتختلف ثانياً بحسب الشريحة الاجتماعية التي تتوجّه إليها؛ فبعضها يتوجّه إلى النازحين المقيمين في المنازل، مثل جمعية "حفظ النعمة"، والبعض الآخر إلى النازحين المقيمين في مراكز الإيواء، مثل جمعية "زاد الخيرية"، وبعضها يتوجّه إلى أسر الشهداء، والبعض الآخر إلى الأيتام عموماً. بالإضافة إلى جمعياتٍ تتوجّه إلى كلّ هذه الشرائح الاجتماعية دون تمييز. وتختلف ثالثاً بحسب إدارتها؛ هل هم وافدون أم من أهل المدينة؟ وبحسب الجهة التي تموّلها، فبعضها يعتمد في تمويله على أهل الخير في المدينة وبعضها الآخر على مساعدات المغتربين. إلا أن القسم الأكبر من الجهد الإغاثيّ يأتي عن طريق برنامج الغذاء العالميّ.
من يراقب حركة هذه الجمعيات والمنظمات يكتشف أنها تزداد بشكلٍ كبيرٍ لا يتناسب مع محدوديّة الخدمات التي تقدّم للنازحين ولفقراء المدينة. فلا يكاد يمر أسبوعٌ، مثلاً، حتى تسمع عن جمعيةٍ جديدة، مما يدلّ على أن عدداً كبيراً من هذه الجمعيات له وجودٌ شكليٌّ على الساحة الإغاثية، يسوّغ بالعديد من المبرّرات التي يعرضها الراشد بقوله: تبدأ أولى المبرّرات بالرغبة في المشاركة بدافعٍ إنسانيٍّ بالفعل، أو بغرض التكسّب، وتنتهي تلك الاتهامات بأن بعض الجمعيات تعلن عن إنشائها كنوعٍ من تبييض سمعة بعض الجهات، وخاصةً تلك المرتبطة بالثروة النفطية. لا يمكن لأحدٍ أن يؤكّد ذلك، إلا أن المؤكّد أن لا فعالية لها على الأرض".
"نحن" و"هم"
أما بالنسبة إلى الجمعيات الفاعلة فتعاني، مع الأسف، من قدرٍ كبيرٍ من سوء التنسيق فيما بينها، وأحياناً يكون هذا التنسيق معدوماً، مما قد يؤدّي إلى وصول حصصٍ إغاثيةٍ إلى أسرةٍ معينةٍ من عدّة جهات، وبالمقابل حرمان أسرٍ أخرى من أيّ شكلٍ من أشكال المعونة. فقد تجد أسرةً ما تسجّل في عددٍ من هذه الجمعيات وتحصل على ما يفوق حاجتها من المواد الغذائية شهرياً. أما الأسباب وراء هذه الفوضى وسوء التنسيق فقد تعدّدت كثيراً. ويعرضها السيد عبد الجليل عبيد، وهو ناشطٌ إغاثيٌّ من ريف الميادين، بالقول: "هناك جهدٌ كبيرٌ تقدّمه جمعياتٌ فاعلةٌ ومعروفة، يبذل كوادرها كل ما بوسعهم لتقديم العون، إلا أنها تعاني من سوء التنسيق بينها. ولعل السبب الأساسيّ وراء سوء التنسيق هو عدم وجود جهةٍ يوكل إليها تنظيم العمل الإغاثيّ في المدينة - وكان من المفترض أن يقوم المجلس المحليّ بهذا الدور - و كلّ المحاولات التي بذلت لإيجاد هيئةٍ عامةٍ للإشراف على العمل الإغاثيّ فشلت لأسبابٍ عديدةٍ لا تخفى على أيّ شخصٍ يعمل في هذا المجال، وأهمها غياب روح الفريق وثقافة العمل المؤسساتيّ، إذ يكفي أن يختلف رئيسا جمعيتين حتى يتلاشى أيّ شكلٍ من أشكال التنسيق بينهما، ويبدأ مسلسل الاتهامات الجاهزة، من قلة الأمانة إلى العمالة للنظام. عدا عن وجود العقلية المناطقية، فكثيراً ما تسمع عبارات "نحن" و"هم"، بحيث تعود "نحن" على أهل المدينة، و"هم" على النازحين، أو يقصد بالأولى أبناء الريف وبالثانية أهل الميادين.