الثورة في عامها السابع...وعي الحرية في مواجهة الخرائط الزائفة

هل نحتفل؟ أم نعلن انكسارنا؟

هل نكتفي بالنحيب والعويل؟ أم نعيد حساباتنا الواقعية؟

أهي الذكرى السابعة؟ أم بداية عام ثامن سنعيد في نهايته تذكير أنفسنا بأسئلة لاقيمة لطرحها مالم تجد إجاباتها؟

ثمّة إجابة تأسيسية في وعي السوريين، كشعب يعيش منذ سبع سنوات ذروة لتاريخه الطويل، في كلّ لحظة يقدم فيها شهيداً على طريق حريّته. إنّها الثورة أو إنّها الحريّة.

لكنّ اشتقاق الإجابات الشافية للأسئلة يتعلق أولّا بالموقف والغاية من التساؤل ذاته، وهذه الأسئلة قد تكون هي ما ذكرناها في البداية أو غيرها، مما تفترضه نزعة الحريّة التي أقامت الثورة في وعي السوريين، وحوّلتها إلى فعل عام أطاح عقوداً وربما قروناً من استقرار واهمٍ بإمكانية الحياة في بلد اعتقلتْ وعذّبتْ قوة دفعه الخلّاقة، لبناء مستقبله الذي بترته أنظمة شمولية وقمعية وعسكرية متخلّفة.

في عامها السابع، تبدو الثورة السورية العظيمة على الخارطة في وضع منهك ومترنّح. يجب الاعتراف بهذا، نظام الأسد يحقق تقدماً ميدانياً بالذبح وجرائم الحرب والإبادات والأسلحة المحرّمة دولياً. في مقابل شتات فصائلي متناثر ومتنافر، ومدنيين يقاسون فظائع وأهوالاً لاتستطيع مفردات لغة عرفها البشر أن تصفها.

لكنّها خارطة زائفة ومشوشة، فنظام الأسد ليس سوى الاسم التجاري الراهن، لتحالف واهٍ يجمع هيستيريا بوتينية لاستعادة صورة الدولة العظمى، إلى نزوع قياميّ وطائفي إيراني للهيمنة الإقليمية تحت شعارات زائفة، مع سعار مليشيات إرهابية، متطرفة وتكفيرية في جوهرها، تريد ابتناء بيئة آمنة لتجارة المخدرات والسلاح، والتخلف الاجتماعي والاقتصادي، والانعزالية السياسية والحضارية تحت مسميات دينية ومذهبية، لم تعد تجد حرجاً في إعلان انتمائها إلى حوض النقيض لكل ما يمثّله السوريون في غالبيتهم وأقلياتهم.

والشتات الفصائلي ليس ثورة السوريين في حقيقتها التي هزت العالم بقوة ملايين المدنيين، حين ماجت بهم شوارع المدن والقرى. والذين حملوا قوة السلمية في أرقى صورها، وقوة المقاومة المسلحة في إهاب جيش سموه «حراً»، لمواجهة آلة إبادة بدأت عملها في اللحظة الأولى التي وصل بها خبر مظاهرة سوق الحميدية الدمشقي، معلناً قيام سوريا الجديدة.

الثورة، ثورة السوريين الأحرار، هي وعي باستحالة العودة إلى ما قبلها، وقرار لا رجعة فيه بوطن مغاير لا يقتل أبناءه ولا يعذبهم حتى الموت في مسالخ بشرية. الثورة هي السنوات السبع الماضية بانتصاراتها وانكساراتها، بقوة أملها وفجائعها المؤلمة، بمليون شهيد وأضعافهم من الجرحى والمشردين والمغيبين. وهي أيضاً وحتماً ما ستكون عليه سوريا الحرة، حين يصبح كل هذا الدرس الأعلى كلفة في التاريخ كي لانسمح لطغيان أن يحكم حياتنا.