كل عام وأنتم بخير..
تتوالى علينا «الأعياد»، مع تكرار الأمنيات بالنصر القريب والفرج والسلام والفرح بين أفراد العائلة، بينما تبدو هذه الرغبات أحلاماً ما تزال تبتعد ويزداد الطريق إليها غموضاً. وإزاء هذه الحال من المراوحة في المكان، الذي يضيق هو الآخر، يجدر بردّة فعلنا أن لا تكون الإحباط بل المراجعة.
المراجعة؟ نعم... ما دمنا نؤمن أن الله {لا يغيّر ما بقومٍ حتى يغيّروا ما بأنفسهم}. فهل غيّرنا ما بأنفسنا، من نوايا وأساليب عملٍ وتنازعٍ وفرديةٍ، لنأملَ أن يتغيّر واقع عيدنا الحاليّ عما سبقه من أعياد؟ أم أننا نستمرّ في التكرار آملين من العالم أن يتغيّر؟ بل ربما زدنا سوءاً مع ازدياد الصعوبات وغموض الأفق!
وكي لا نتكلم في الأمور الكبرى الآن، ولنقتصر على العيد فقط؛ هل فكرنا في وقاحة الصور التي سننشرها على صفحاتنا على الفايسبوك، سعداء بزوجاتنا وأطفالنا في مولات اسطنبول ومدينة الألعاب الفرنسية أو أمام البحيرة في السويد؛ ونصف قلوبنا/ أهلنا في البلاد يعانون الخطر والفقر ويسترقون النظر إلى عالمنا الزاهي حين تتوافر لهم الكهرباء لسويعات.
يحقّ لأهالي المناطق المحرّرة أن يفرحوا بين برميلٍ وآخر، وأن ينقل لنا الإعلاميون الشجعان من هناك صور ما تبقى من أراجيح حديديةٍ بائسةٍ لما تبقى من أطفال. يحقّ لأبناء المناطق المحاصرة أن يرتاحوا لأيامٍ من الهمّ المقيم لتأمين أبسط أنواع الطعام، وأن يُلبسوا أولادهم أسمالهم الباقية من أعيادٍ قديمةٍ، ويصطحبوهم إلى ساحةٍ وسط الخراب، أو أطلال حديقة. يحقّ للمقيمين في الزعتري، وفي المخيمات اللبنانية وسط العداء، وفي المخيمات التركية في ظلّ الحرّ... أما نحن، فما علينا إلا القليل من الحياء... القليل فقط!