إدلب... وما بعدها
أدّت المعركة السريعة التي خاضها جيش الفتح لتحرير إدلب إلى تفاعلاتٍ كثيرة. فمن جهةٍ رفعت من معنويات جمهور الثورة الذي لم يشهد انتصاراً مماثلاً منذ زمنٍ، وأدّت، بالمقابل، إلى حالةٍ من التخبّط والضياع في أوساط مقاتلي النظام ومؤيديه، ومن جهةٍ أخرى فتحت الباب أمام الأسئلة المشروعة عن مستقبل حكم المدينة، وكيفية الدفاع عنها في وجه قصف النظام، والخطوات العسكرية اللاحقة. ولم يخلُ طرح هذه الأسئلة والإجابات عنها من خلافاتٍ عالية الصوت في صفوف الثورة، فمن المعروف أن وراء هذه التساؤلات والمخاوف تباينٌ في الرؤى حول معنى الثورة السورية وهويتها وأهدافها. ومن هنا نرى أن هذا الخلاف صحيٌّ ومطلوب.
توجهنا بدورنا، كوسيلة إعلامٍ ثوريةٍ، بكلّ هذه الأسئلة إلى أحد أبرز القادة العسكريين لجيش الفتح، أبو يوسف المهاجر، فكان لنا معه لقاءٌ طويلٌ تقرأونه في هذا العدد، ويتبيّن فيه مستوى العقلانية التي وصلت إليها القوى العسكرية للثورة، حين لا تستأثر إحداها بالنصر الجماعيّ، بل تسجّله في حساب الجميع، والأهم في حساب سورية كلها لا في حساب منطقةٍ بعينها هي إدلب، التي يقول المهاجر إنها ستُحكم بمجلسٍ مدنيٍّ من أصحاب الخبرات والكفاءات من أبناء المدينة، وعبر الموظفين الحكوميين أنفسهم، دون نوازع انتقاميةٍ يزعمها مؤيدو النظام، مع تقديم المتورّطين باستباحة الدماء إلى المحاكم.
بل الأبرز أن محرّري إدلب لم يقطعوا مع الحكومة المؤقتة -رغم اللوم الكبير لها- وما يمكن أن تقدّمه من دعمٍ، ولكن هذه الحكومة تكتفي بالمباركة والتصريحات من بعيد!