الموت... ولا المذلة
عندما هتف متظاهرو سورية بأحد شعاراتهم الشهيرة «الموت ولا المذلة» أو «الشعب السوريّ ما بينذلّ» كانوا قد ذاقوا من الإهانة ما يبدو اليوم مسحوب الدسم، مقارنةً بكلّ هذا الهول الكارثيّ المتساقط عليهم لأنهم عصوا إرادة جلادهم الأرعن، الذي يأتي الآن بجنوده ومهرّجيه البائسين ليطرحوا مهزلة إعادة انتخابه، متربعاً على كومةٍ خرافيّةٍ من الجثث! وبعد كلّ الألم الذي زرعه في قلوب الملايين؛ من فقدوا عزيزاً، أو عاشوا الرعب من البراميل والقصف بالطيران والمدافع والدبابات، أو أخرجوا من ديارهم بغير حقٍّ فتاهوا في المخيّمات لسنوات!
ولكنه هكذا يفكر! من لم يرهبه القمع فالحلّ معه هو المزيد من القمع، ومن ثاروا لأجل قتل بضعة متظاهرين فستعيدهم صواريخ سكود إلى بيوتهم، ومن رفض إذلال عناصر المخابرات له فرادى ودورياتٍ، فلنطلق عليه عشرات الألوف منهم مسعورين، وأضعافهم من الشبّيحة والمهووسين الطائفيين. وبعدها ستكون الأمور على ما يرام، وسنعمل على تأليف قلوب كلّ جحافل من أصابتهم هذه القوّة الحربية المجنونة، ومن أذلتهم ظروف النزوح إلى درجات استجداء رغيف الخبز!
أيّ جــنــونٍ هــذا؟! وأيّ عــــمىً في البصيرة؟! وماذا فعــل هذا الكائن المــختلّ بـديارنا وأهــلـها من أجل هوســه المرضـيّ بالسلطة فقط؟
لا يــحارب الســوريون طاغــــيةً محلـــياً يحكم بلداً صــغيراً فحسب، بل يؤدّون قسطهم من الصراع الإنسانيّ الكبير ضدّ مفاهيم الطــــغيان واسـتباحة الحياة والكرامة. ولهـــذا سينتصرون.