في مغزى التدخّل الروسيّ ونتائجه
بعد أسبوعين على التدخل الجويّ الروسيّ في سورية لا يبدو الأمر بحاجةٍ إلى كثيرٍ من التحليل. ببساطةٍ، تريد موسكو إخماد الثورة، بعد أن تباعد هذا الحلم عن ناظري بشار الأسد وقوّاته المحلية وحليفه الإيرانيّ وميليشياته الطائفية، وصاروا يأملون في تحسين المواقع وإجراء تعديلاتٍ جزئيةٍ فقط.
هذا التفكير هو ما يليق بالرئيس الروسيّ بوتين، ضابط المخابرات السوفييتية السابق الذي يحمل ثأراً قديماً ومتجدّداً مع الغرب ومع قيم الحرّيات وحقوق الإنسان والديمقراطية، فضلاً عن جنون عظمةٍ شخصيٍّ وقوميّ، واستهتارٍ بأعراف ومعايير المجتمع الدوليّ التي يراها غربيةً أيضاً. ومن هنا لن يمانع في ترؤس محورٍ للدول المارقة والأنظمة الديكتاتورية يحاول به استعادة الأمجاد الإمبراطورية السوفييتية، وما قبلها، ولكن دون أيديولوجية هذه المرّة.
إستراتيجياً لن ينجح هذا الخيار، طالما أنه خارج معطيات العصر ومضادٌّ لإرادة الشعوب، ولكن على المدى القريب، وفي الحالة السورية التي تشهد عجزاً دولياً، يجب عدم الاستهانة بتحالف المتغطرس الروسيّ مع المحور الطائفيّ الممتدّ من إيران وأذرعها العراقية إلى لبنان، مروراً بشبّيحة الأسد وبقايا قوّاته المنهكة.
وإذا كانت الصدمة الأولى للتدخل الروسيّ لم تحدث أثراً مهماً فإنما حصل ذلك بفضل مقاتلي الجيش الحرّ وبفعل الأسلحة والذخائر التي أتيحت لهم من أصدقاء الشعب السوريّ. وإذا أردنا لهذا الفصل من الكابوس الطويل أن يمضي دون تأثيرٍ سلبيٍّ على مسار الثورة فلا مناص من تكامل هذين العنصرين؛ قوّاتٌ منظّمةٌ ومتعاضدةٌ ومتأهبة، ودعمٌ كافٍ من أعداء حلف «شبّيحة» العالم الذين اتحدوا ضدّ هذه الثورة.
وربما يكون الحصول على الدعم في هذه المرحلة أسهل مما سبق، ما دام الصراع قد اندرج في محورين كبيرين، مما سيحمل خصوم روسيا الغربيين على إفشال مشروعها في سورية، وخصوم إيران في الإقليم على كسر طموحاتها. ولكن الجدير بالتقدير بالفعل هو موقف هؤلاء المقاتلين الشجعان، يعيشون على السلال الإغاثية المتقطّعة ويتمسّكون ببندقيتهم بينما يستطيعون الوصول إلى المهجر الأوربيّ المريح خلال أسبوع.
بالفعل... الله محيّي الجيش الحرّ!