اعتذار من شبيحة سلحب

«سيدي الرئيس، نحن قد نكون قد أخطأنا في بعض الأمور، ولكن من المعيب أن نسمّى بالإرهابيين، نحن الذين قاتلنا على جميع الجبهات في سوريا الحبيبة، وهذا واجبنا، فمن يكون هؤلاء الذين يسمّوننا بالإرهابيين»

في شارع من شوارع بلدة سلحب في ريف حماة، لم يجد رؤساء الشبيحة هناك طريقاً نحو بشار الأسد، سوى توجيه رسالةٍ مصورةٍ إليه، مطلقين على أنفسهم فيها اسم «تجمع شباب سلحب»،  يشكون في الرسالة ما لحقهم من مظالم  معنوية جراء تعدّي محافظ حماة عليهم بعدّهم إرهابيين، و«إذا أراد محافظ حماة أن نكون كما وصفنا بالإرهابيين، فلن نقبل بذلك، فهذا مراده هو وبعض الأجهزة الأمنية، ولن يتحقق ذلك، فنحن تحت سقف الوطن»

وعطفاً على التزامهم بهذا السقف، يسأل ممثلو التجمع الشبابي سيدهم الرئيس العفو والسماح على ارتكابهم عدة أخطاء غير مقصودة، ولدت بسبب «الأزمة» المستمرة في «بلدنا سوريا الحبيبة...وجلّ من لا يخطئ» وكل غايتهم أن يكونوا «رديف حقيقي للدولة السورية»

تناقلت صفحات المؤيدين على الفيسبوك رسالة شبيحة سلحب تلك، وانقسم رأيهم العام على قبول الاعتذار أو رفضه، فبارك البعض توبة هؤلاء «الشباب الطيبين» عن تصرفاتهم الطائشة، التي تغفرها «مواقفهم الوطنية» ضد «الإرهابيين الحقيقيين» وطالبوا الدولة أن تصفح عنهم أسوةً بالمسلحين الذين تصالحهم، حتى لو كانوا قد اضطروا -بتأثير الفقر- إلى خطف تاجر عملةٍ هنا، أو تاجر فستقٍ هناك، لا سيما أن معظم التجار، مصاصو دماء و«أخونجية» من حماة، يوالون الدولة بالظاهر، ويموّلون المسلحين في الخفاء. وكيف ترفض توبتهم، في حين تركض الحكومة وراء من «دمر البلد» بالمصالحات؟

وذهب آخرون إلى عدّ هذه الرسالة نفاقاً محضاً ومخادعة لجهود مكافحة الفساد، التي انطلقت ب«أوامر عليا من السيد الرئيس» ذاته، بتشكيل لجنة تحقيقٍ خاصة بما يجري في محافظة حماة، يترأسها اللواء في المخابرات العسكرية، كفاح رستم. وإلى هذا اللواء وفوقه بشار تتالت الخطابات عن جرائم القتل والسطو المسلح والخطف، التي ارتكبها «دواعش الداخل» هؤلاء، الذين طغوا واستهتروا بالدولة، بل لم يراعوا حتى «هيبة الرئيس» بهذه الرسالة المضحكة إليه.

بين رؤوس الشبيحة في بلدة سلحب، يبرز كل من حازم غبارة وأكرم دنيا وعلاء رضوان، ولكلٍّ منهم من يسنده من أقارب في مخابرات بشار الأسد وجيشه، ويتحدون جميعاً في كل غزوةٍ مشتركةٍ إلى محردة والسقيلبية، أو إلى مدينة حماة ذاتها. وفي أوقات الفراغ داخل البلدة، قد تنشب فيما بينهم أحياناً مشاجرات دامية بالقنابل والرشاشات قبل أن يتدخل «العقلاء» الحريصون على وحدة البلدة، وتعاضد أهلها.

وبعد أن أضحت السيارات غير المعرفة عادة بالية، ترقّم سيارات الشبيحة في سلحب اليوم بأرقام جوالاتهم، وتخطّ على زجاجها الخلفي عباراتٌ من نوع «خانوك يا وطن» و«علي يا علي» و «نحن الدولة ولاك».