أهالي مناطق المعارضة السورية يقودون عمليات الترميم في ظل غياب الأمل بالمساعدة الدولية

الاتارب

يأتي تأجيل مؤتمر المانحين بسبب الخلاف بين أعضائه على دعوة مندوب عن النظام السوري، في ظل ظروف قاسية يعانيها السوريون المتضررون من الزلزال. وفيما دخلت الاستجابة الإنسانية مرحلتها الثانية وهي إزالة الأنقاض، يغيب أي أمل بإمكانية تطبيق المرحلة الثالثة المتضمنة إعادة إعمار ما دمره الزلزال، هذا الملف الذي تقف أمامه عوائق سياسية وداخلية من شأنها زيادة مآسي المنكوبين الذين غدوا دون مأوى منذ لحظة الكارثة.

ويصل عدد المباني المهدمة أثناء الزلزال في مناطق المعارضة بشكل فوري إلى 1,983 منزلاً، بينما يبلغ عدد المباني غير الآمنة للعودة وغير القابلة للتدعيم 4,073 مبنى، وعدد المباني التي تحتاج إلى تدعيم لتصبح آمنة للعودة 12,043 مبنى. أما عدد المباني الآمنة وتحتاج إلى صيانة فيتجاوز 19,446 مبنى، وعدد المباني الآيلة للسقوط التي تم هدمها بعد الزلزال يصل إلى قرابة 124 مبنى حتى الآن، في حين بلغت الخسائر الاقتصادية التي تم توثيقها 952 مليون دولار أمريكي، وفقا لأحدث إحصائية صادرة عن فريق "منسقو استجابة سوريا".

تأخر الاستجابة المتعلقة بترميم المنازل المتضررة نشّط العمل الأهلي الذي يعتمد على داعمين في الخارج متأثرين بالظروف القاسية التي يعيشها المنكوبون، وهم أفراد سوريون وعرب يتواصلون عادة مع مجموعات إغاثية في الداخل السوري ويرفدونهم ببعض الأموال.

سجل أبو أكرم أحد مهجري ريف دمشق في إحدى اللجان الأهلية التي تقوم بترميم البيوت الآيلة للسقوط، إذ تعرض منزله لتشققات جدارية وينبغي هدم الجدران ثم إعادة بنائها مجدداً، بحسب ما يؤكد لعين المدينة. ويتابع أبو أكرم أن الفكرة "جيدة جداً"، متسائلاً "هل أنتظر حتى يسقط المنزل على أسرتي! لذلك بادرت لإخبار اللجنة وقد وعدوني بترميم المنزل خلال الأسبوع القادم".

ويقول عبد اللطيف الذي فقد منزله نتيجة تهدمه منذ بداية الكارثة لعين المدينة، أنه استعان بمجموعة إغاثية أهلية  للحصول على منزل جديد، معتبراً أن "العرض كان مقبولاً.. طلبوا مني شراء أرض صغيرة على أن يتكفلوا ببناء المنزل".

ومع ردود الأفعال المتحمسة من قبل المتضررين تجاه الجهود الأهلية، فإنها تبقى مجرد مبادرات فردية وغير متناسبة مع حجم الأضرار التي خلفها الزلزال. وإذا كان الحظ قد حالف كلاً من أبو أكرم وعبد اللطيف، فإن آلاف الأسر المنكوبة ما تزال تقيم داخل الخيام أو لدى الأقارب غير المتضررين.

ويقف ارتفاع أسعار مواد البناء مثل الحديد والإسمنت والطوب عائقاً أمام ترميم المنازل، لاسيما تلك التي يشرف أصحابها على عمليات تأهيلها بأموالهم الخاصة. يؤكد جميل الذي يعمل على ترميم غرفة مهدمة داخل منزله الأكلاف العالية للعملية، لكنه يوضح لعين المدينة اضطراره إلى "الاعتماد على الذات بدلاً من انتظار المنظمات.. ربما لن يكون هناك إعمار للمنازل بسبب غياب الداعمين".

ويرتبط ملف إعادة إعمار ما دمره الزلزال بالواقع السياسي في سوريا، ومستقبل النظام وإعادة تعويمه أو تحسين سلوكه، ووجود حل سياسي متفق عليه بين الدول. لكن يمكن لمؤتمر المانحين أن يقدم وعوداً بالمنح تسمح لمؤسسات التمويل بالتوجه إلى سوريا، وأن تدوّل قضايا ضحايا الزلزال، كما قد يعطي المؤتمر تعويماً دوليا لكل من النظام والمعارضة.

ويرى الباحث ومدير منصة "اقتصادي" يونس الكريم خلال حديث لعين المدينة، أنه لا يوجد اهتمام دولي بإعادة إعمار المناطق المنكوبة من الزلزال في سوريا، ويعود ذلك إلى أن المنطقة السورية هي منطقة نزاع بدون أفق لأي حل سياسي، ويضاف إلى ذلك الفساد المستشري فيها والذي يمنع المانحين من إرسال أموالهم إليها.

ويتوقع الكريم أن تركيا سوف تحاول الاستحواذ على أموال المساعدات التي تمنح للسوريين على اعتبارها أكثر تضرراً، ولأنها تحتضن اللاجئين وهي أيضا الضامن للشمال السوري، وبالتالي كل المنح سوف تمر عبر تركيا التي ستحاول أن تكون المتحدث الرسمي باسم متضرري الزلزال.

ولا تمتلك السلطات التي تدير مناطق المعارضة خطة لإعادة تأهيل أو إعمار المنازل والمنشآت العامة والبنى التحتية المدمرة، وتكتفي الحكومة المؤقتة وحكومة الإنقاذ بتجهيز مراكز إيواء تتمثل بخيام وصيوانات مؤقتة تكتظ بآلاف الأسر المنكوبة.