لا يكتفي الدكتور المهندس يوسف جمّول، الذي يعمل في هيئة الطاقة الذرية السورية، بنشر صورةٍ له وهو يحمل أمام صدره كتابه الجديد «العناصر الترابية النادرة»، على حسابه الفيسبوكيّ Yousef Jammoal، بل ينشر إلى جانبها صورةً لزوجته تحتضن طفليها المزهوّين وتحمل الكتاب/المولود بالوضعية نفسها.
كما لا تقتصر مواهب الدكتور على العلم العويص وحده، فأغلب منشوراته من الشعر العموديّ المضبوط بالشكل، والمصحوب بصورٍ تعبيريةٍ عن الحبّ والشجر والغيوم ومزهريات الورود الحمراء، كما عند قوله: «إنّ الغرامَ كوردةٍ جوريةٍ»، أو قوله: «أسكب خمرة الأقداح من دنّ الصباح». وقد ينزل الشاعر من عليائه فيكتب: «وشممتُ عطرَ ورودها في خافقي/ فطغْت عليها نكهة المكدوسِ»، مرفقاً ذلك بصورةٍ لصحن مكدوسٍ وأخرى لصبيةٍ بملابس العصر الفيكتوريّ. ولا عجب، فشاعرنا العالم متخرّج في جامعة نيو كاسل البريطانية، أيام تمرير الإيفادات والمنح الدسمة للمقرّبين والمخبرين والبعثيين من تحت طاولات وزارة التعليم العالي.
ولكن الدكتور لا يفتقر إلى الوفاء، فهو يخصّص جزءاً من ديوانه الفيسبوكيّ لإعلان الولاء للأسد الابن وعسكره الذي «يحمي حمى سوريّتي/ والجيش أضحى غايةً وطِلابا»، غاضّاً الطرف عن قوافل المتسرّبين من الجيش والبلاد معاً عبر البرّ والبحر، وعن التأجيلات التي يحصل عليها الشبّان اليوم بنفس الطرق، ربما، التي كانت قد حملت جمّول على السفر المتكرّر من حمص إلى دمشق لـ«تزبيط» الإيفاد لدراسة الهندسة الكيميائية.
أما الأسد الأب فيستحقّ تبجيلاً أكبر بالطبع، فإذ ينشر الشاعر على صفحته اللوحة الشهيرة التي تجمع 100 شخصيةٍ من مشاهير العالم عبر التاريخ، كشكسبير وروسو ونيتشه وموزارت وفرويد وبيكاسو، ونابليون وبسمارك ويوليوس قيصر والإسكندر المقدونيّ؛ فإنه يرى ضرورة إضافة حافظ الأسد إليها. مستشيراً متابعيه في هذا، وطالباً منهم إضافة أسماءٍ أخرى. ويأتي التعليق الأبرز –شعراً- من صديقٍ لجمّول، بل متقدّمٍ عليه في حيازة الأستاذية بعد الدكتوراه (أ. د. عبدالكريم حبيب)، يقترح إضافة كلٍّ من صالح العلي وبشار الأسد.
وبالانتقال إلى صفحة حبيب يتبيّن أنه يحمل الدكتوراه في اللغة العربية، مما أهّله بشكلٍ مزدوجٍ لكتابة الشعر، الذي تناول مؤخراً مطار كويرس «سلاماً للنمر الذي لا يعرف غير النصر والفخار»، والنثر الفنّيّ الذي يخاطب الجنديّ في قوّات الأسد –أو النمر؟- بقوله «تقدّم واجعل حشرهم من تحت أخمص بوطك... انظر إلى المسلحين كيف يركضون كالجرزان» [كذا].
وبالعودة إلى كتاب جمّول نعثر على عرضٍ له بقلم حبيب، يبيّن أهمية العناصر الترابية النادرة في الصناعات العسكرية. وبذلك تكتمل الحلقة ولا يبقى إلا أن نفهم سبباً لأن يعرض مختصٌّ في اللغة كتاباً علمياً. نبحث في صفحة الأستاذ الدكتور عن إجابةٍ فلا نعثر على صلةٍ له بالعلوم إلا قوله في مقدّمة أحد البوستات: «دخلت على حفيدتي زينب وهي عاكفةٌ على جهاز الفيس بوك»...
جهاز الفيسبوك يا حبيب!
صورة من الأرشيف للدكتور عبد الكريم حبيب (ينظر إلى الكاميرا) أثناء خدمته الإلزامية في مدرسة المشاة بحلب. ويظهر في الصورة باكيت «الحمراء الطويلة» السوريّ الشهير، الذي تدخل العناصر الترابية غير النادرة في تركيبه.